قال : فخلى سبيله ، ثم خرج [إسحق] ابن الأشعث ومعه سراقة فأخذ أسيرا واتى به المختار ، فقال : الحمد لله الذى أمكننى منك ، يا عدو الله ، هذه ثالثة ، فقال سراقة : أما والله ما هؤلاء الذين أخذونى ، فأين هم؟ لا أراهم! إنا لما التقينا رأينا قوما عليهم ثياب بيض وتحتهم خيل بلق تطير بين السماء والأرض ، فقال المختار : خلوا سبيله ليخبر الناس ، ثم عاد (١) لقتاله ، فقال :
ألا من مبلغ المختار عنّى |
|
بأنّ البلق دهم مضمرات |
أرى عينىّ ما لم ترأياه |
|
إلخ الشعر» انتهى |
وقوله «رأيت البلق دهما الخ» هو جمع أبلق وبلقاء ، وأراد الخيل البلق ، وهى ما فيها بياض وسواد ، ودهم : جمع أدهم ودهماء ، من الدّهمة ـ بالضم ـ وهى السواد ، وأراد أن الخيل البلق التى ذكرت أنها تطير إنما هى خيل دهم نحاربك عليها ، والمصمت ـ بضم الميم الأولى وفتح الثانية ـ قال الجوهرى : هو من الخيل البهيم : أىّ لون كان لا يخالط لونه لون آخر ، وروى بدله «مضمرات» بوزنه ، يقال : أضمرت الفرس ؛ إذا أعددته للسباق ، وهو أن تعلفه قوتا بعد السمن (٢) ، وقوله «أرى عينىّ الخ» بضم الهمزة ، مضارع من الإراءة خفف بحذف الهمزة من آخره ، و «ما» نكرة بمعنى شىء مفعول ثان لأرى ، والأول هو عينىّ ، وكلانا : أى أنا وأنت
والبيت كذا أورده أبو زيد بمفرده فى نوادره (٣) ورواه أبو حاتم عن أبى عبيدة «ما لم تبصراه الخ» وحينئذ لا شاهد فيه ، والترهة : بضم المثناة وتشديد الراء المفتوحة
__________________
(١) كذا فى عيون الأخبار ، وفى العقد «ثم دعا لقتاله»
(٢) فى الصحاح : وتضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ، ثم ترده إلى القوت ، وذلك فى أربعين يوما وهذه المدة تسمى المضمار ، والموضع الذى تضمر فيه الخيل أيضا مضمار
(٣) انظر (ص ١٨٥) من النوادر