ذهب وعيناه ياقوتتان ؛ فكسره وأخذ عينيه ، ودخل البيت فإذا جثث على سرر طوال (١) لم ير مثلهم طولا وعظما ، وعند رءوسهم لوح من فضة فيه تاريخهم ، وإذا هم رجال من ملوك جرهم ، وآخرهم موتا الحارث بن مضاض ، وعليهم ثياب لا يمس منها شىء إلا انتثر كالهباء من طول الزمن ؛ وشعر مكتوب [فى اللوح] فيه عظات ، آخر بيت منه :
صاح هل ريت أو سمعت براع |
|
... البيت |
وقال ابن هشام : «كان اللوح من رخام ، وفيه : أنا نفيلة بن عبد المدان بن خشرم بن عبد يا ليل بن جرهم بن قحطان بن هود نبى الله عليه صلوات الله ، عشت خمسمائة عام وقطعت الأرض فى طلب الثروة والمجد والملك ؛ فلم يكن ذلك ينجينى من الموت ، وتحته مكتوب الأبيات السابقة :
*قد قطعت البلاد ... إلى آخرها*
وفى ذلك [البيت] كوم عظيم من اليواقيت والزبرجد والذهب والفضة ؛ فأخذ منه ما أخذ ، ثم علّم على الشّق بعلامة وأغلق بابه بالحجارة وأرسل إلى أبيه بالمال الذى خرج به ليسترضيه ، ووصل عشيرته كلهم فسادهم ، وجعل ينفق من الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف ؛ حتى ورد أنه صلىاللهعليهوسلم كان يستظل فى الهاجرة بظل جفنته ، وكانت بحيث يأكل منها الراكب على بعيره ، وسقط فيها مرة غلام فغرق فيها فمات
ومضاض بن عمرو الجرهمى جاهلى ، من شعره المشهور من قصيدة :
كان لم يكن بين الحجون إلى الصّفا |
|
أنيس ولم يسمر بمكة سامر» |
انتهى ما أورده خضر الموصلى باختصار
__________________
(١) فى الأصول «على سرير طويل» والتصحيح عن الروض الأنف
(ق ٢ ـ ٢١)