واكتفى بحرف العطف وهو الفاء ، ولو لا الضرورة لم يجز ذلك ، وكذلك أيضا اكتفاؤه بالتاء من «تركبون» ، وحذف سائر الجملة إنما ساغ للضرورة ، ومثل ذلك قول الآخر :
بالخير خيرات وإن شرّا فأا |
|
ولا أريد الشّرّ إلّا أن تأا |
أراد فأصابك الشر ؛ فاكتفى بالفاء والهمزة وحذف ما بعدهما وأطلق الهمزة بالألف ، وأراد بقوله «إلا أن تأا» إلا أن تأبى الخير ؛ فاكتفى بالتاء والهمزة وحذف ما بعدهما وحرك الهمزة بالفتح وأطلقها بالألف ، ونحو من ذلك قول الآخر :
*قلت لها قفى فقالت قاف*
يريد قد وقفت ، فاكتفت بالقاف ، ومثل ذلك أيضا ـ إلا أن الدليل على المحذوف متأخر عنه ـ قوله :
قد وعدتنى أمّ عمرو أن تا |
|
تدهن رأسى وتفلّينى وا |
*وتمسح القنفاء حتّى تنتا* |
ألا ترى أنه حذف ما بعد التاء والواو من غير أن يتقدم له دليل على ذلك المحذوف ، ثم أعادها مع ما كان قد حذفه ليبين المعنى الذى أراده قبل» انتهى.
والرجز الذى أنشده ابن عصفور مختصر ، رواه بتمامه أبو على بن المستنير المعروف بقطرب فى كتاب الرد على أهل الإلحاد فى آى القرآن ، قال : «قال غيلان :
نادوهم أن ألجموا ألاتا |
|
ثمّ تنادوا بعد تلك الضّوضا |
*منهم بهاب وهل وبابا* |
وأنشد قطرب قبله : [من الرجز]
ما للظّليم عال (١) كيف لايا |
|
ينقدّ عنه جلده إذا يا |
__________________
(١) فى الأصول «عال» ـ بالعين المهملة ـ والمعنى يحتمل أن يكون من قولهم : عال عولا ؛ بمعنى زاد ، والمراد أنه زاد فى جريه ، فكأنه قال متعجبا : أى شىء ثبت