تترك ، والدّبا ـ بفتح الدال بعدها موحدة ـ قال صاحب الصحاح : «هو الجراد قبل أن يطير ، الواحدة دباة» والمتون : جمع متن ، وهو المكان الذى فيه صلابة وارتفاع ، ودبّ : تحرّك ، من دب على الأرض يدب دبيبا ، وكل ماش على الأرض دابة ودبيب ، والألف للإطلاق ، وتشديد الباء أصلى لا للوقف ، وفاعل دب ضمير الدبا ، وفيه جناس شبه الاشتقاق ، وقوله «بمور» الباء متعلقة بهبّت ، والمور ـ بضم الميم ـ : الغبار ، والسّبسب ـ كجعفر ـ : القفر ، والمفازة ، وتشديد الباء للضرورة ، وهو المفعول الثانى لتترك ، و «ما» هو المفعول الأول إن كان ترك بمعنى جعل وصير ، وإن كان بمعنى خلّى المتعدى إلى مفعول واحد وهو «ما» الواقعة على النبات ، فسبسب حال من «ما» وفاعل تترك ضمير الريح ، والمراد كسبسب ، على التشبيه ، وأراد تترك الريح المكان الذى أبقى فيه الدبا شيئا من النبات أجرد لا شىء فيه ؛ لأنها جفّفت النبت وحملته من مكان إلى مكان ، ورواه بعض أفاضل العجم فى شرح أبيات المفصل :
*تترك ما انتحى الدّبا سبسبّا*
وقال : المراد انتحاه : أى قصده ؛ فحذف الراجع إلى الموصول ، وقوله «كأنه» أى كان الدبا ، واسلحبّ اسلحبابا بالسين والحاء المهملتين : أى امتد امتدادا ، هذا على الرواية المشهورة ، وأما على رواية أبى محمد الأعرابى فهو متأخر عن البيتين بعده ، ويكون ضمير «كأنه» للحريق : أى كأن صوت التهاب النار فى القصب والحلفاء والتبن صوت السيل وجريه ، ويكون على روايته قوله «أو كالحريق» معطوفا على قوله «سبسبّا» ؛ فيكون الجار والمجرور فى محل نصب ، وروى السخاوى الأبيات بالرواية المشهورة ، وقال : «وأنشده أبو على «مثل الحريق» بدل قوله «أو كالحريق» فيكون منصوبا على الحال من الضمير فى اسلحبا : أى اسلحبّ مثل الحريق ، أو على أنه نعت لمصدر محذوف :