وإنما ألحقوا هذه المدة فى حروف الروى لأن الشعر وضع للغناء والترنم ، فألحقوا كل حرف الذى حركته منه ، فإذا أنشدوا ولم يترنموا فعلى ثلاثة أوجه : أمّا أهل الحجاز فيدعون هذه القوافى : ما نون منها ، وما لم ينون ، على حالها فى الترنم ، ليفرقوا بينه وبين الكلام الذى لم يوضع للغناء ، وأما ناس كثير من بنى تميم فإنهم يبدلون مكان المدة النون فيما ينوّن وفيما لم ينون لما لم يريدوا الترنم أبدلوا مكان المدة نونا ، ولفظوا بتمام البناء وما هو منه ، كما فعل أهل الحجاز ذلك بحروف المد ، سمعناهم يقولون للعجاج : [من الرجز]
*يا أبتا علّك أو عساكن* |
|
و *يا صاح ما هاج الدّموع الذّرّفن* |
وقال العجاج :
*من طلل كالأتحمىّ أنهجن*
وكذلك الجر والرفع ، والمكسور والمفتوح والمضموم فى جميع هذا كالمجرور والمنصوب والمرفوع ، وأما الثالث فأن يجروا القوافى مجراها لو كانت فى الكلام ولم تكن قوافى شعر ، جعلوه كالكلام حيث لم يترنموا وتركوا المدة [لعلمهم أنها فى أصل البناء](١) ، سمعناهم يقولون لجرير : [من الوافر]
*أقلّى اللّوم عاذل والعتاب*
وللأخطل : [من البسيط]
*واسأل بمصقلة البكرىّ ما فعل*
وكان هذا أخفّ عليهم. ويقولون : [من الرجز]
*قد رابنى حفص فحرّك حفصا*
__________________
(١) هذه الزيادة عن سيبويه (٢ : ٢٩٩)