أقول : لم ينشد أبو زيد هذا الرجز ، لا فى نوادره ، ولا فى كتاب الهمز ، ولا نقل عن أيوب ، وإنما قال فى آخر كتاب الهمز : وسمعت رجلا من بنى كلاب يكنى أبا الأصنع يقول : هذه دأبّة ، وهذه شأبة ، وهى امرأة مأدّة ، وهذا شأبّ ، ومأدّ ، فيهمز الألف فى كل هذه الحروف ، وذلك أنه ثقل عليه إسكان حرفين معا وإن كان الأصل الآخر منهما التحريك ، كما استثقل بعض العرب فى الوقف إسكان الحرفين فى قولهم : اضربه ، أكرمه ، احبسه ، قال :
[من الرجز]
*قد قلت للسّائل قده أعجله*
انتهى.
وهذا آخر كتاب الهمز ، ويشهد لما قلنا كلام ابن جنى فى أكثر تآليفه ، قال فى شرح تصريف المازنى ومنه أخذ الشارح هذا الفصل : إن الألف إذا حركت صارت همزة ، كقراءة أيوب السختيانى (ولا الضّألّين) لما حرّك الألف لسكونها وسكون اللام الأولى بعدها انقلبت همزة ، وحكى أبو العباس عن أبى عثمان عن أبى زيد أنه قال : سمعت عمرو بن عبيد يهمز (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) فظننته قد لحن إلى أن سمعت العرب يقولون (١) شأبّة ودأبّة ، قال أبو العباس : فقلت لأبى عثمان : أتقيس هذا؟ قال : لا ولا أقبله ، وقال الراجز :
*خاطمها زأمّها أن تذهبا*
وجاء فى شعر كثيّر «احمأرّت (٢)» يريد احمارّت ، كما أراد الأول
__________________
(١) فى نسخة «تقول»
(٢) قد وردت هذه الكلمة فى بيت من الشعر لكثير عزة ، وذلك قوله :
وأنت ابن ليلى خير قومك مشهدا |
|
إذا ما احمأرّت بالعبيط العوامل |