وأنشد بعده ، وهو الشاهد الثامن والسبعون [من الطويل] :
٧٨ ـ *مع الصّبح ركب من أحاظة مجفل*
على أن ركبا لفظه مفرد ، بدليل عود الضمير إليه من صفته مفردا ، وهو مجفل.
وهذا المصراع عجز ، وصدره :
*فعبّت غشاشا ثمّ مرّت كأنّها*
وهو بيت من أبيات لامية العرب للشّنفرى ، فى وصف قطا وردت ماء وأنه سبقها إليه فشربت فضلته.
وقوله «فعبت غشاشا ـ الخ» العب : شرب الماء بلا مصّ ، قال ثعلب : عبّ يعب ، إذا شرب الماء فصبه فى الحلق صبا ، وفاعل «عبّت» ضمير القطا ، و «غشاشا» بكسر الغين المعجمة بعدها شينان معجمتان ـ قال بعض أهل اللغة : معناه على عجلة ، وقال بعض آخر : أى قليلا أو غير مرىء ، يقول : وردت القطا على عجل ثم صدرت فى بقايا من ظلمة الفجر ، وهذا يدل على قوة سرعتها ، وقوله «من أحاظة» متعلق بمحذوف على أنه صفة لركب ، وأحاظة ـ بضم الهمزة بعدها حاء مهملة وظاء مشالة معجمة ـ قبيلة من الأزد فى اليمن ، ومجفل : صفة ثانية لركب ، وهو بالجيم اسم فاعل من أجفل بمعنى أسرع ، و «الركب» قال ابن قتيبة فى أدب الكاتب : أصحاب الإبل ، وهم العشرة ونحو ذلك ، قال شارحه ابن ابن السّيد : هذا الذى قاله ابن قتيبة قاله غير واحد ، وحكى يعقوب عن عمارة ابن عقيل قال : لا أقول راكب إلا لراكب البعير خاصة ، وأقول : فارس وبغّال وحمّار ، ويقوى هذا الذى قاله قول قريط العنبرى [من البسيط] :
فليت لى بهم قوما إذا ركبوا |
|
شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا |
والقياس يوجب أن هذا غلط ، والسماع يعضد ذلك ، ولو قالوا إن هذا هو