وضعت بطنا واحدا ، لأن ذلك أول نتاجها ؛ فهى أبكار ، وأولادها أبكار ، وعلى هذا قالوا : باكورة الربيع ، ولبنها أطيب وأشهى ؛ فلذلك خصه وجعله مزاجا وقوله تشاب فى موضع الصفة لألبان عوذ : أى مشوبة بماء متنهاه فى الصفاء ، وقيل فى المفاصل : إنها المواضع التى ينفصل فيها السهل من الجبل حيث يكون الرضراض ، فينقطع الماء به ويصفو إذا جرى فيه ، وهذا قول الأصمعى وأبى عمرو ، واعترض عليه فقيل : هلا قال «بماء من مياه المفاصل» وما له يشبهه به ولا يجعله منه؟ فقيل : هذا كما يقال : مثل فلان لا يفعل كذا ، والمراد أنه فى نفسه لا يفعل ، لا أنه أثبت له مثل ينتفى ذلك عنه ، ألا ترى أنه لو جعل ذلك لنظيره لكان المدح لا يعلق به ، وقد علم أن القصد إلى مدحه ، وعلى هذا قد حمل قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وقال أبو نصر : أراد بالمفاصل مفاصل الجبل حيث يقطر الوشل ، وذلك أصفى من مياه المناقع والعيون ، وقال بعضهم : أراد تشاب بماء كالدمع صفاء ؛ فالمفاصل شئون الرأس ، وهى تسمى مفاصل ومواصل ، والدمع منها يخرج ، وهذا كما يقال : جئتك بخمرة كماء العين وأصفى من الدمع ، فالتشبيه حاصل فى هذا الوجه ، وهو عندى حسن والمراد بماء العين الدمع لا غير ، وقال أبو سعيد : ماء المفاصل الدم ، وأراد بالماء الخمر ، وشبهها به ، وقال ابن الأعرابى : ماء المفاصل ماء اللحم النىء ، شبّه حمرته بحمرته ، وعهدة هذين القولين عليهما دونى» هذا كلام المرزوقى ، وحديث : بمعنى حادث ، والنّتاج : الولادة ، وتشاب : من الشّوب وهو الخلط والمزج ، والمفاصل : جمع مفصل ـ بفتح الأول وكسر الثالث.
وأبو ذؤيب الهذلى شاعر مخضرم إسلامى تقدمت ترجمته فى الشاهد السابع والستين من شرح شواهد شرح الكافية
* * *