وأنشد سيبويه فيما لا يجوز فى غير الشعر إلا سماعا قول الشاعر :
١٣٥ ـ وكنت أذلّ من وتد بقاع |
|
يشجّج رأسه بالفهر واجى (١) |
قال المصنف ـ وهو الحق ـ : إن هذا القياس ليس من ذلك ؛ لأن «واج»
__________________
ولن ترى لهذيل داعيا أبدا |
|
يدعو لمكرمة عن منزل الحرب |
لقد أرادوا خلال الفحش ويحهم |
|
وأن يحلّوا حراما كان فى الكتب |
والاستشهاد بالبيت فى قوله «سالت» وأصله سألت فخفف الهمزة المفتوحة المفتوح ما قبلها بقلبها ألفا ، ومثله قوله : «سالوا رسولهم» فى البيت الذى أنشدناه بعده
(١) هذا البيت من الوافر ، وهو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت من كلمة يهجو بها عبد الرحمن بن الحكم بن أبى العاص وقبله قوله :
وأمّا قولك الخلفاء منّا |
|
فهم منعوا وريدك من وداج |
ولولاهم لكنت كحوت بحر |
|
هوى فى مظلم الغمرات داجى |
وقوله «وداجى» هو مصدر قولك : وادج فلان فلانا بمعنى ودجه كسافر بمعنى سفر ، وتقول : ودجت الدابة ودجا كوعدته وعدا ؛ إذا قطعت ودجها ، وقطع الودج للدابة كالفصد للانسان ، وهوى : سقط ، والغمرات : جمع غمرة ، وهى فى الأصل القطعة من الماء ، وداج : أسود مظلم ، والقاع : المستوى من الأرض ، ويشجج : يدل على المبالغة فى الشج ، والفهر ـ بكسر فسكون ـ : الحجر إذا كان ملء اليد ، والواجى : اسم فاعل من وجأت عنقه أجؤها ؛ إذا ضربتها ، ويضرب المثل فى الذل والمهانة بالوتد ؛ فيقال : هو أذل من وتد بقاع ، وفى هذا المعنى يقول الشاعر :
ولا يقيم على ضيم يراد به |
|
إلّا الأذلّان عير الحيّ والوتد |
هذا على الخسف مربوط برمّته |
|
وذا يشجّ فلا يرثى له أحد |
والاستشهاد بالبيت فى قوله «واجى» وأصله الواجىء ـ بالهمز ـ فلما وقع فى القافية ووقف عليه سكنت الهمزة فخففت بقلبها ياء لانكسار ما قبلها