خبر ؛ لأنه رأى أن «ما» التامة غير ثابتة أو غير فاشية ، وحذف الخبر فاش ؛ فترجّح عنده الحمل عليه.
وإنما أجاز كثير من النحويين فى نحو قولك «نعم الرجل زيد» كون زيد خبرا لمحذوف مع إمكان تقديره مبتدأ والجملة قبله خبرا ؛ لأن نعم وبئس موضوعان للمدح والذم العامّين ؛ فناسب مقامهما الإطناب بتكثير الجمل ، ولهذا يجيزون فى نحو (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) أن يكون (الَّذِينَ) نصبا بتقدير أمدح ، أو رفعا بتقديرهم ، مع إمكان كونه صفة تابعة ، على أن التحقيق الجزم بأن المخصوص مبتدأ وما قبله خبر ، وهو اختيار ابن خروف وابن الباذش ، وهو ظاهر قول سيبويه : وأما (١) قولهم «نعم الرّجل عبد الله» فهو بمنزلة «ذهب أخوه عبد الله ، مع قوله : وإذا قال «عبد الله نعم الرجل» فهو بمنزلة «عبد الله ذهب أخوه» فسوّى بين تأخير المخصوص وتقديمه ، والذى غرّ أكثر النحويين أنه قال : كأنه قال «نعم الرجل» فقيل له : من هو؟ فقال : عبد الله ، ويرد عليهم أنه قال أيضا : وإذا قال «عبد الله» فكأنه قيل له : ما شأنه؟ فقال : نعم الرجل ، فقال مثل ذلك مع تقدم المخصوص ، وإنما أراد أنّ تعلق المخصوص بالكلام تعلق لازم ؛ فلا تحصل الفائدة إلا بالمجموع قدّمت أو أخرت ، وجوز ابن عصفور فى المخصوص المؤخّر أن يكون مبتدأ حذف خبره ، ويردّه أن الخبر لا يحذف وجوبا إلّا إن سدّ شىء مسدّه ، وذلك وارد على الأخفش فى «ما أحسن زيدا».
وأما قول الزمخشرى فى قول الله عزوجل : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) : إنه يجوز أن يكون تقديره : هو فى آذانهم وقر ؛ فحذف المبتدأ ، أو فى آذانهم منه وقر ، والجملة خبر الذين ، مع
__________________
(١) قوله «وأما قولهم نعم الرجل عبد الله» هذا نص كلام سيبويه.