انه عطف بيان على (آياتٍ بَيِّناتٍ) مع اتفاق النحويين على أن البيان والمبين لا يتخالفان تعريفا وتنكيرا ، وقد يكون عبّر عن البدل بعطف البيان لتآخيهما ، ويؤيده فى قوله (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) : إن (مِنْ وُجْدِكُمْ) عطف بيان لقوله تعالى (مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) وتفسير له ، قال : ومن : تبعيضية حذف مبعضها ، أى أسكنوهن مكانا من مساكنكم مما تطيقون ، اه. وإنما يريد البدل ، لأن الخافض لا يعاد إلا معه ، وهذا إمام الصناعة سيبويه يسمى التوكيد صفة وعطف البيان صفة كما مر.
النوع الثالث : اشتراطهم فى بعض ما التعريف شرطه تعريفا خاصا ، كمنع الصرف اشترطوا له تعريف العلمية أو شبهه ، كما فى أجمع ، وكنعت الإشارة وأىّ فى النداء ، اشترطوا لهما تعريف اللام الجنسية ، وكذا تعريف فاعلى نعم وبئس ، ولكنها تكون مباشرة له أو لما أضيف إليه ، بخلاف ما تقدم فشرطها المباشرة له.
ومن الوهم فى ذلك قول الزمخشرى فى قراءة ابن أبن عبلة (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) بنصب تخاصم : إنه صفة للاشارة ، وقد مضى أن جماعة من المحققين اشترطوا فى نعت الإشارة الاشتقاق كما اشترطوه فى غيره من النعوت ، ولا يكون التخاصم أيضا عطف بيان ، لأن البيان يشبه الصفة ، فكما لا توصف الإشارة إلا بما فيه أل كذلك ما يعطف عليها ، ولهذا منع أبو الفتح فى (وهذا بعلى شيخ) فى قراءة ابن مسعود برفع شيخ كون (بَعْلِي) عطف بيان ، وأوجب كونه خبرا ، وشيخ : إما خبر ثان ، أو خبر لمحذوف ، أو بدل من بعلى ، أو بعلى بدل وشيخ الخبر ، ونظير منع أبى الفتح ما ذكرنا منع ابن السيّد فى كتاب المسائل والأجوبة وابن مالك فى التسهيل كون عطف البيان تابعا للمضمر ، لامتناع ذلك فى النعت ، ولكن أجاز سيبويه «يا هذان زيد وعمرو» على عطف البيان ، وتبعه الزيادى ، فأجاز «مررت بهذين الطويل والقصير» على البيان ، وأجازه على البدل أيضا ، ولم يجزه