فقال الزمخشرى فى الآية الأولى : إن الرابط عموم المتقين ، والظاهر أنه لا عموم فيها ، وأن المتقين مساوون لمن تقدم ذكره ، وإنما الجواب فى الآيتين والبيت محذوف وتقديره فى الآية الأولى : يحبه الله ، وفى الثانية : يغلب ، وفى البيت : فلسنا على صفته.
العاشر : العاملان فى باب التنازع ، فلا بد من ارتباطهما إما بعاطف كما فى «قام وقعد أخواك» أو عمل أوّلهما فى ثانيهما نحو (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً) أو كون ثانيهما جوابا للأول ، إما جوابية الشرط نحو (تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) ونحو (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) أو جوابية السؤال نحو (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) أو نحو ذلك من أوجه الارتباط ، ولا يجوز «قام قعد زيد» ولذلك بطل قول الكوفيين إن من التنازع قول أمرىء القيس :
*كفانى ـ ولم أطلب ـ قليل من المال* [٤١٤]
وإنه حجة على رجحان اختيار إعمال الأول ، لأن الشاعر فصيح وقد ارتكبه مع لزوم حذف مفعول الثانى وترك إعمال الثانى مع تمكنه منه وسلامته من الحذف والصواب أنه ليس من التنازع فى شىء ، لاختلاف مطلوبى العاملين ، فإن كفانى طالب للقليل ، وأطلب طالب للملك محذوفا للدليل ، وليس طالبا للقليل ، لئلا يلزم فساد المعنى ، وذلك لأن التنازع يوجب تقدير قوله ولم أطلب معطوفا على كفانى ، وحينئذ يلزم كونه مثبتا ، لأنه حينئذ داخل فى حيز الامتناع المفهوم من لو ، وإذا امتنع النفى جاء الإثبات ، فيكون قد أثبت طلبه للقليل بعد ما نفاه بقوله :
*ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة*