وأنهم زعموا أن قول الشافعى «يحلّ أكل متروك التسمية» مردود بقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) فقال : فقلت لهم : لا دليل فيها ، بل هى حجة للشافعى ، وذلك لأن الواو ليست للعطف ؛ لتخالف الجملتين بالاسمية والفعلية ، ولا للاستئناف ؛ لأن أصل الواو أن تربط ما بعدها بما قبلها ، فبقى أن تكون للحال ؛ فتكون جملة الحال مقيدة للنهى ، والمعنى لا تأكلوا منه فى حالة كونه فسقا ، ومفهومه جواز الأكل إذا لم يكن فسقا ، والفسق قد فسره الله تعالى بقوله (أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) فالمعنى لا تأكلوا منه إذا سمى عليه غير الله ، ومفهومه كلوا منه إذا لم يسم عليه غير الله ، اه ملخصا موضحا. ولو أبطل العطف لتخالف الجملتين بالإنشاء والخبر لكان صوابا.
العطف على معمولى عاملين
وقولهم «على عاملين» فيه تجوز ، أجمعوا على جواز العطف على معمولى عامل واحد ، نحو «إن زيدا ذاهب وعمرا جالس» وعلى معمولات عامل نحو «أعلم زيد عمرا بكرا جالسا ، وأبو بكر خالدا سعيدا منطلقا» وعلى منع العطف على معمولى أكثر من عاملين نحو «إنّ زيدا ضارب أبوه لعمرو ، وأخاك غلامه بكر» وأما معمولا عاملين ، فإن لم يكن أحدهما جارا فقال ابن مالك : هو ممتنع إجماعا نحو «كان آكلا طعامك عمرو وتمرك بكر» وليس كذلك ، بل نقل الفارسىّ الجواز مطلقا عن جماعة ، وقيل : إن منهم الأخفش ، وإن كان أحدهما جارا فإن كان الجارّ مؤخرا نحو «زيد فى الدار والحجرة عمرو ، أو وعمرو الحجرة» فنقل المهدوىّ أنه ممتنع إجماعا ، وليس كذلك ، بل هو جائز عند من ذكرنا ، وإن كان الجار مقدما نحو «فى الدار زيد والحجرة عمرو» فالمشهور عن سيبويه المنع ، وبه قال المبرد وابن السراج وهشام ، وعن الأخفش الإجازة ، وبه قال الكسائى والفراء والزجاج ، وفصّل قوم ـ منهم الأعلم ـ فقالوا : إن ولى المخفوض العاطف كالمثال جاز ، لأنه