فى الاعتذار قد يحصل ولا يحصل اعتذار ، بخلاف الفضاء عليهم ؛ فإنه يتسبب عنه الموت جزما ، وردّ عليه ابن الضائع بأن النصب على معنى السببية فى «ما تأتينا فتحدثنا» جائز بإجماع ، مع أنه قد يحصل الإتيان ولا يحصل التحديث ، والذى أقول : إن مجىء الرفع بهذا المعنى قليل جدا ؛ فلا يحسن حمل التنزيل عليه.
تنبيه ـ «لا تأكل سمكا وتشرب لبنا» إن جزمت فالعطف على اللفظ والنهى عن كل منهما ، وإن نصبت فالعطف عند البصريين على المعنى والنهى عند الجميع عن الجمع ، أى لا يكن منك أكل سمك مع شرب لبن ، وإن رفعت فالمشهور أنه نهى عن الأول وإباحة للثانى ، وأن المعنى : ولك شرب اللبن ، وتوجيهه أنه مستأنف ، فلم يتوجه إليه حرف النهى ، وقال بدر الدين ابن مالك : إن معناه كمعنى وجه النصب ، ولكنه على تقدير لا تأكل (١) السمك وأنت تشرب اللبن ، اه. وكأنه قدّر الواو للحال ، وفيه بعد ؛ لدخولها فى اللفظ على المضارع المثبت ، ثم هو مخالف لقولهم ؛ إذ جعلوا لكل من أوجه الإعراب معنى.
عطف الخبر على الإنشاء ، وبالعكس
منعه البيانيون ، وابن مالك فى شرح باب المفعول معه من كتاب التسهيل ، وابن عصفور فى شرح الإيضاح ، ونقله عن الأكثرين ، وأجازه الصفار ـ بالفاء ـ تلميذ ابن عصفور ، وجماعة ، مستدلين بقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فى سورة البقرة ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) فى سورة الصف ، قال أبو حيان : وأجاز سيبويه «جاءنى زيد ومن عمرو العاقلان» على أن يكون العاملان خبرا لمحذوف ، ويؤيده قوله :
__________________
(١) فى نسخة «ولكنه على طريق لا تأكل السمك ـ إلخ».