قال : نقلت من خط الصولي قال : الجاحظ ...
(ولست ألوم العرب ، لا سيما قريشا في بغضها له (١) ، وانحرافها عنه ، فإنه وترها ، وسفك دمأها ، وكشف القناع في منابذتها ، ونفوس العرب واكبادها كما تعلم.
وليس الاسلام بمانع من بقأ الاحقاد في النفوس ، كما نشاهده اليوم عيانا ، والناس كالناس الاول ، والطبائع واحدة.
فاحسب أنك كنت من سنتين أو ثلاث جاهليا أو من بعض الروم وقد قتل واحد من المسلمين ابنك واخاك ، ثم اسلمت أكان اسلامك يذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنانه؟!!
كلا. إن ذلك لغير ذاهب ، هذا إذا كان الاسلام صحيحا ، والعقيدة محققة ، لا كأسلام كثير من العرب ، فبعضهم أسلم تقليدا ، وبعضهم للطمع والكسب وبعضهم خوفا من السيف ، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار ، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الاسلام واعدائه.
وأعلم أن كل دم أراقه رسول الله صلى الله عليه وآله بسيف علي عليه السلام وبسيف غيره ، فإن العرب بعد وفاته صلى الله عليه وآله عصبت تلك الدمأ بعلي بن أبي طالب عليه السلام وحده ، لانه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدمأ إلا بعلي وحده.
وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدمأ القاتل ، فإن مات ، أو تعذرت عليها مطالبته ، طالبت بها أمثل الناس من أهله) (٢).
فإذا علم ذلك الجاحظ أجهله رسول الله صلى الله عليه وآله!؟
__________________
(١) يقصد بذلك عليا عليه السلام.
(٢) المصدر السابق / المجلد الرابع / ص ١٣٠ ـ ١٣١.