بهذا ، هذا من الشيطان ، فأنزل الله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) (١).
[١٣٩٩٩] من طريق موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : لما أنزلت سورة النجم ، وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه ، ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم ، وأحزنته ضلالتهم ، فكان يتمنى كف أذاهم ، فلما أنزل الله سورة النجم قال : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ألقى الشيطان ، عندها كلمات ، وحين ذكر الطواغيت فقال : وإنهن لهن الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجي ، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته ، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب مشرك بمكة ، وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا : إن محمدا قد رجع الى دينه الأول ودين قومه ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد ، وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك ، ففشت تلك الكلمة في الناس ، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة فأنزل الله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان ، انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين ، واشتدوا عليه (٢).
[١٤٠٠٠] عن أبي العالية قال : قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو ذكرت آلهتنا في قولك قعدنا معك ، فإنه ليس معك إلا أراذل الناس وضعفاؤهم ، فكانوا إذا رأونا ، عندك تحدث الناس بذلك فأتوك ، فقام يصلي فقرأ (وَالنَّجْمِ) حتى بلغ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجي ومثلهن لا ينسى. فلما فرغ من ختم السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون. فبلغ الحبشة : أن الناس قد أسلموا ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) إلى قوله : (عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) (٣).
__________________
(١) الدر ٦ / ٦٨.
(٢) ـ (٣) الدر ٦ / ٦٨.