قوله تعالى : (يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ).
[١٤٦٨٧] أخبرنا محمد بن سعد فيما كتب إلي ، حدثني أبي ، حدثني عمي حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : (يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) يعني بتلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر ، وهو كقوله (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١) وكقوله : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٢).
قوله : (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ).
[١٤٦٨٨] حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأ أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب في هذه الآية (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) قال : هو يتقلب في خمسة من الظلم فكلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار.
[١٤٦٨٩] حدثنا أبي ، ثنا مره بن رافع ، ثنا سليمان بن عامر قال : سمعت الربيع ابن أنس في قوله : (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) قال : فكذلك مثل الكافر في البحر في ظلمة الليل في لجة البحر فهي ظلمات إحداهن الليل (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) إلى قوله (فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) فهو يتقلب في خمس من الظلم ، وذلك أن عمله كظلمة الليل في لجة البحر ، (يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ، مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ، ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) ، فهذه خمسة من الظلم ، وهو يتقلب في خمسة من الظلم ، فمدخله في ظلمة ، ومخرجه في ظلمة ، وكلامه في ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة ، فكذلك ميت الأحياء يمشي في الناس لا يدري ما له وماذا عليه ، إن الله جعل طاعته نورا ، ومعصيته ظلمة ، إن الإيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة ، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع.
[١٤٦٩٠] حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ،
__________________
(١) سورة البقرة آية ٧.
(٢) سورة الجاثية آية ٢٣.