صالحة (غَصْباً) فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها ، ومنهم من يقول : سدوها بالقار (فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) وكان كافرا (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر ، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية (١).
[١٢٨٧٧] من طريق العوفي ، عن ابن عباس قال : لما ظهر موسى وقومه على مصر ، أنزل قومه بمصر ، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعم ، وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون ، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض ، وقال : (كَلَّمَ اللهُ مُوسى) نبيكم (تَكْلِيماً) واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه ، وآتاكم من كل شيء سألتموه ، فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا عرفهم إياها ، فقال له رجل من بني إسرائيل : فهل على الأرض أعلم منك يا نبي الله؟ قال : لا. فبعث الله جبريل إلى موسى فقال : إن الله يقول : «وما يدريك أين أضع علمي؟ ... بلى على ساحل البحر رجل أعلم».
قال ابن عباس : هو الخضر. فسأل موسى ربه أن يريه إياه ، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر ، فإنك تجد على ساحل البحر حوتا فخذه فادفعه إلى فتاك ، ثم الزم شط البحر ، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب. فلما طال صعود موسى ونصب فيه ، سأل فتاه عن الحوت : (قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) لك. قال الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) ، فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت ، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت ، وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة ، فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر ، فلقي الخضر بها فسلم عليه ، فقال الخضر : وعليك السلام ... وأنى يكون هذا السلام بهذا الأرض ...!؟ ومن أنت؟ قال : أنا موسى. فقال له
__________________
(١) الدر ٥ / ٤١٢.