قال أخبر الله سبحانه أن (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم ، فأما من أكره ، فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه ، فلا حرج عليه ، لأن الله سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم (١).
[١٢٦٧١] عن كعب قال : كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : خوفنا يا كعب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، أو ليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله؟ قال : بلى ، ولكن خوفنا ، قلت : يا أمير المؤمنين ، لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيا لازدريت عملك مما ترى. قال : زدنا. قلت : يا أمير المؤمنين ، لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب ، لغلا دماغه حتى يسيل من حرها. قال : زدنا. قلت : يا أمير المؤمنين ، إن جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة ، لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليله ليخر جاثيا على ركبتيه ، فيقول : رب نفسي ... نفسي ... لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر مليا. قلت : يا أمير المؤمنين ، أو ليس تجدون هذا في كتاب الله؟ قال : كيف؟ قلت : قول الله في هذه الآية (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢).
[١٢٦٧٢] عن عطية رضي الله عنه في قوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) قال : هي مكة ، ألا ترى أنه قال : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ) (٣).
[١٢٦٧٣] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) قال : فأخذهم الله بالجوع والخوف والقتل. وفي قوله : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ) قال : أي والله يعرفون نسبه وأمره (٤).
[١٢٦٧٤] عن سليم بن عمر قال : صحبت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خارجة من مكة إلى المدينة ، فأخبرت أن عثمان قد قتل فرجعت. وقالت : ارجعوا بي ، فو الذي نفسي بيده إنها للقرية التي قال الله (قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) ... إلى أخر الآية (٥).
[١٢٦٧٥] عن ابن شهاب. قال : القرية التي قال الله : (كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) هي يثرب (٦).
__________________
(١) الدر ٥ / ١٧٠ ـ ١٧١.
(٢ ـ ٤) الدر ٥ / ١٧٣ ـ ١٧٥.
(٥ ـ ٦) الدر ٥ / ١٧٣ ـ ١٧٥.