من الناس : إن عبد الرحمن إنما جاء بما جاد به فخرا ورياء ، وأما صاحب الصاع والصاعين : فإن الله ورسوله أغنياء من صاع وصاع ، فسخروا بهم ، فأنزلت فيهم هذه الآية : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ) الآية.
[١٠٥٠١] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلى أنبا أصبغ بن الفرج قال : سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) : أمر رسول الله المسلمين أن يتصدقوا ، فقال عمر بن الخطاب : إنما ذلك مال وافر فآخذ نصفه قال : وافر. قال : فجئت أحمل مالا كثيرا فقال له رجل من المنافقين : أترائى يا عمر؟ قال : نعم ، أرائي الله ورسوله فوجد غيرهما فلا ، قال : وجاء رجل من الأنصار لم يكن عنده شيء فوجد نفسه يجر الحرير علي رقبته بصاعين ليلته ، فترك صاعا لعياله وجاء بصاع يحمله فقال له بعض المنافقين : إن الله ورسوله عن صاعك لغني فذلك قوله : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ)
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ)
[١٠٥٠٢] حدثنا أبي ثنا محمد بن العلاء أبو كريب ثنا زيد بن حباب أنبا موسى بن عبيدة حدثنا خالد بن يسار عن أبي عقيل عن أبيه ، أنه بات يجر الجرير على ظهره على صاعين من تمر فانقلب بأحدهما إلى أهله يتبلغون به ، وجاء بالآخر يتقرب به إلى الله ، فأتى به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره ـ صلي الله عليه وسلم ـ : أنثره في الصدقة ، قال : فسخر المنافقون به وقالوا : ما كان أغنى هذا أن يتقرب إلى الله بصاع من تمر! فأنزل الله تعالى : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) إلى آخر الآيتين (١).
[١٠٥٠٣] حدثنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني أنا حفص بن عمر أنبا الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) قال : هو رفاعة بن سعد.
__________________
(١) ابن كثير ٤ / ١٢٨.