فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها وقادتها فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت. فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر قاعدين يبكيان ، فقلت : يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض عليّ عذابكم أدني من هذه الشجرة ، شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله عز وجل (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) الآية.
[٩١٥١] حدثنا أبي ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : لما كان يوم بدر وجئ بالأسارى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر : يا رسول الله قومك وصلك استبقهم واستأنهم لعل الله أن يتوب عليهم ، فقال عمر : يا رسول الله أخرجوك وكذبوك فاضرب أعناقهم فقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله أنضر واديا كثير الحطب فأدخلهم ، فيه ثم أضرمه عليهم نارا فقال العباس وهو في الأسرى تسمع ما يقولون قطعتك رحمك ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجبهم شيئا فقال ناس : يأخذ بقول أبي بكر وقال ناس : يأخذ بقول عمر وقال ناس : يأخذ بقول ابن رواحة ، فخرج عليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : إن الله لين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللين ، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١) ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢) ومثلك يا عمر كمثل نوح قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا
__________________
(١) سورة إبراهيم ، آية : ٣٦.
(٢) سورة المائدة ، آية : ١١٨.