حكم أفعال القلوب :
أولا : الإلغاء. أي : إبطال نصبهما مفعولين وذلك يكون إما بتقديم العامل فلا يتعدّى إلى مفعولين رغم تقدّمه ، كقول الشاعر :
كذاك أدّبت حتى صار من خلقي |
|
أني وجدت ملاك الشّيمة الأدب |
برفع «ملاك» : على أنها مبتدأ. «الأدب» : خبر المبتدأ. وكان القياس أن يكونا منصوبين على أنهما مفعولي «وجدت». ويمتنع هذا الرّفع عند البصريّين فيوجبون النّصب بكلمة «ملاك» وكلمة «الأدب» ويجيزه الكوفيّون ومعهم الأخفش.
وإمّا بتوسّط العامل بين مفعوليه فيلغى عمله في نصب المفعولين ، فتقول : «عمر حسبت ناجح» والقياس نصب المفعولين فتقول : «ظننت زيدا قادما» ومثل :
أبا لأراجيز يا ابن اللّؤم توعدني |
|
وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور |
والقياس : خلت اللؤم والخور.
وإمّا بتأخير العامل عن المفعولين ، مثل : «عمرو ناجح حسبت» والقياس : حسبت عمرا ناجحا.
إلا أنهم يفضلون الإلغاء في هذه الحالة. يقول سيبويه : إنما يجيء بالشّكّ بعد ما يمضي كلامه على اليقين. وكقول الشاعر :
هما سيّدانا يزعمان وإنّما |
|
يسوداننا إن أيسرت غنماهما |
فقد علّق الفعل «يزعمان» عن طلب المفعولين لتأخره عنهما. فتعرب : «هما» : ضمير منفصل مبني على السّكون في محل رفع مبتدأ. «سيدانا» خبر المبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثّنى وهو مضاف وضمير المتكلّم في محل جرّ بالإضافة والأصل عند نصب المفعولين القول : يزعمانهما سيّدين أو سيّدينا.
ثانيا : التّعليق ، أي : إبطال العمل لفظا لا محلّا لمجيء ما له صدر الكلام بعد العامل ، وذلك يكون في المواضع التالية :
١ ـ عند دخول «لام الابتداء» بعد الفعل القلبي مباشرة ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)(١). «اللام» في «لقد» هي للقسم «قد» حرف تحقيق «علموا» : فعل ماض مبنيّ على الضّمّ لاتصاله بالواو ، «والواو» ضمير متّصل مبنيّ على السّكون في محل رفع فاعل ، «لمن» : «اللام» حرف ابتداء مبنيّ على الفتح لا محل له من الإعراب «من» : اسم موصول مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ.
وجملة «اشتراه» صلة الموصول «ما» حرف نفي مبنيّ على السّكون لا محل له من الإعراب. «له» جار ومجرور متعلّق بخبر مقدّم «في الآخرة» جار ومجرور متعلّق بمحذوف خبر ثان. أو بمحذوف تقديره : موجود. «من» حرف جر زائد ، «خلاق» مبتدأ مرفوع بالضمة المقدّرة منع من ظهورها الحركة المناسبة لحرف الجر و «اللّام» وما دخلت عليه سدّت مسدّ مفعولي «علم».
٢ ـ دخول «لام القسم» بعد الفعل مباشرة كقول الشاعر :
ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها |
فجملة «لتأتينّ منيتي» سدّة مسدّ مفعولي «علم» «اللام» في «لتأتينّ» رابطة لجواب القسم.
٣ ـ دخول «ما» النّافية بعد الفعل مباشرة كقوله تعالى : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)(٢).
__________________
(١) من الآية ١٠٢ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ٦٥ من سورة الأنبياء.