«لا» و «إنّ» و «الكاف» زائدة وليست حرف تشبيه وحذفت الهمزة للتخفيف ، ومنهم من زاد عليها «الهاء» واللّام ، كما في قول الشاعر :
لهنّك من عبسيّة لوسيمة |
|
على هنوات كاذب من يقولها |
حيث وردت «لهنّك» ولها ثلاثة أقوال :
الأول : أنّ أصلها «لإنّك» بلام التوكيد المفتوحة ، بعدها «إنّ» المكسورة همزتها والمشدّدة نونها ، والأصل أن «لام» التّوكيد تدخل على خبر «إنّ» ، ولا يجوز أن تقترن اللّام بـ «إنّ» ، ولكن لما أبدلت الهمزة من «إنّ» «بالهاء» توهّم أنها كلمة أخرى غير «إنّ» واللّام في «لوسيمة» زائدة.
والثاني : «لهنك» أصلها «لاه إنك» أي : «والله إنك».
والثالث : أن أصلها والله إنك فحذفت «الواو» وإحدى اللّامين من «والله» ثم حذفت الهمزة من «إن». والرأي الأوّل هو الأكثر صوابا.
معانيها : وتأتي «لكن» على ثلاثة معان :
الأول : أنها حرف للاستدراك ، أي : تعقيب الكلام برفع ما يتوهّم ثبوته ، أو إثبات ما يتوهم نفيه ، ويكون المعنى بعدها مخالفا لما قبلها ، وتقع بعد النّفي والإثبات. فإن كان المعنى قبلها موجبا كان ما بعدها منفيّا ، والعكس بالعكس ، فوجودها يظهر شيئا من المغايرة بين معنى ما بعدها ومعنى ما قبلها من غير حاجة إلى أداة نفي.
والثاني : أنها تستعمل لمجرّد التوكيد في المعنى ، مثل : «لو زارني لأكرمته لكنّه لم يأت» ، فهي هنا لتأكيد عدم الزيارة.
والثالث : أنها تستعمل تارة للاستدراك ، وتارة للتوكيد.
عملها : وتعمل «لكنّ» عمل «إنّ» فتنصب المبتدأ وترفع الخبر. كقول الشاعر :
وما قصّرت بي في التسامي خؤولة |
|
ولكنّ عمّي الطّيب الأصل والخال |
حيث عملت «لكنّ» عمل «إنّ» فاسمها «عمي» وخبرها «الطيب».
تخفيفها : إذا خففت «لكنّ» بطل عملها ويرجع ما بعدها مبتدأ وخبرا ، كقول الشاعر :
إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره |
|
لكن وقائعه في الحرب تنتظر |
حيث خففت «لكن» فبطل عملها فهي حرف ابتداء فدخلت على جملة اسميّة مؤلّفة من مبتدأ «وقائعه» وخبره جملة «تنتظر».
ومن المستحسن أن تقترن «بالواو» للتفريق بينها وبين «لكن» العاطفة ، مثل :
أهابك إجلالا ، وما بك قدرة |
|
عليّ ولكن ملء عين حبيبها |
حيث خففت «لكن» فبطل عملها فهي حرف ابتداء. والجملة بعدها مؤلفة من خبر مقدّم «ملء» ومبتدأ مؤخّر «حبيبها» واقترنت بحرف العطف «الواو».
وتتعيّن «لكن» للعطف ، إذا كان معطوفها مفردا ، وسبقت بنفي ، أو نهي ، وغير مقترنة بالواو.
وتتعيّن للابتداء إذا تلتها جملة ، كقول الشاعر السابق : إن ابن ورقاء ... أو إذا سبقتها «الواو» ، كقوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ