على توهّم تركبه مع المبدل منه ، لأن البدل على نيّة تكرار العامل ، فيقع بين البدل والمبدل منه فاصل يمنع من ذلك التّركيب ، فلا يجوز أن يكون مبنيّا ، مثل : «لا أحد رجلا وامرأة في الحديقة» «أحد» : اسم لا مبنيّ على الفتح ، «رجلا» بدل منصوب تبعا لمحل اسم «لا» ، ويجوز أن يكون مرفوعا تبعا لمحل «لا» مع اسمها ، أو تبعا لاسمها باعتبار أصله مبتدأ.
أما إن كان البدل معرفة وجب رفعه ، مثل : «لا أحد زيد وخليل في الحديقة» «أحد» اسم «لا» مبني على الفتح. «زيد» بدل من محل «لا» مع اسمها ، أو من اسمها فقط وهو مرفوع بالضمة ، ومثله «خليل». «في الحديقة» : شبه جملة خبر «لا».
ومثله أيضا عطف البيان. أما التّوكيد اللفظي فهو يجري على لفظ المؤكّد من ناحية خلوّه من التّنوين ، ويجوز رفعه ونصبه. أما التّوكيد المعنويّ فلا مجال لوجوده بعد اسم «لا» النّافية للجنس.
حكم لا المكرّرة وأحكام اسمها : إذا تكرّرت «لا» جاز إعمالها وإهمالها. أما الاسم فله أحكام عدّة منها :
أولا : إذا كانت «لا» عاملة عمل «إنّ» واسمها مفردا مبنيا ، جاز في الاسم المفرد المعطوف بعد «لا» المكرّرة ثلاثة أمور :
١ ـ البناء على الفتح ، أو ما ينوب عنه ، مثل : «لا مواطن خائن ولا مواطنة إلّا مكروه» ، باعتبار «لا» الثانية نافية للجنس. «مواطنة» اسمها مبني على الفتح وخبرها محذوف تقديره : ولا مواطنة خائنة. والجملة الاسميّة الثانية معطوفة على الجملة الأولى ، كقوله تعالى : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(١).
٢ ـ الإعراب أي : ينصب بالفتحة ، أو ما ينوب عنها ، مثل : «لا مواطنة خائنة ولا مواطنا» بتنوين الاسم بعد «لا» الثّانية ، واعتبار «لا» الثانية زائدة لتوكيد النّفي ، فلا عمل لها ، وتكون كلمة «مواطنا» معطوفة «بالواو» على محل اسم «لا» الأولى ، المبنيّ على الفتح في محل نصب ، كقول الشاعر :
لا نسب اليوم ولا خلّة |
|
اتّسع الخرق على الرّاقع |
حيث أتى الاسم المعطوف بعد «لا» الثانية منصوبا منوّنا «خلة».
٣ ـ إعرابه مع رفعه بالضّمّة على اعتبار «لا» الثانية زائدة لتوكيد النّفي ، فلا عمل لها ، مثل : «لا مواطنة خائنة ولا مواطن». وتكون كلمة «مواطن» مبتدأ مرفوع وخبره محذوف تقديره : ولا مواطن خائن. والجملة الاسميّة الثانية معطوفة «بالواو» على الجملة الأولى. ويصحّ اعتبار «لا» الثانية عاملة عمل «ليس» وكلمة «مواطن» اسمها ، وخبرها محذوف. والجملة من «لا» الثانية مع معموليها معطوفة «بالواو» على الجملة الاسمية الأولى.
ويصحّ اعتبار «لا» الثانية زائدة لتوكيد النّفي وكلمة «مواطن» معطوفة «بالواو» على محل «لا» مع اسمها ، أو على الاسم فقط باعتبار أصله مبتدأ ، وكقول الشاعر :
بأيّ بلاء يا نمير بن عامر |
|
وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر |
حيث أتى الاسم المعطوف بعد «لا» الثانية مبتدأ مرفوع وخبره محذوف وهو كلمة «صدر». أو أنه اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس» ، أو معطوف على
__________________
(١) من الآية ٢٥٤ من سورة البقرة.