لنفسه ، بل مكّن
أوّلا من ثالث ، فشابه ـ من وجه ما ـ الناقل المتوسّط ، من حيث لا يقبل لنفسه.
(٧٧) ولم يريدوا بهذا أن يكون الأثر شيئا يخرج من الأول إلى
الثالث مجتازا على الأوسط ـ فإنّ هذا لا يكون ـ بل هو أمر وجوده وحدوثه في الثالث
، إلا أنه عن مبدء هو الأول ، وممكّن معد هو المتوسّط.
(٧٨) فهذا مفهوم «التأدية». والسامع للتأدية ـ ويعني بها هذا
المفهوم ـ ليس من حقّه أن يضحك من حيث يعني باسم معيّن ، فإن لم يدر ما نعني بها فليس من حقّه أيضا أن يضحك حتّى يبدأ راغما فيسأل : «ما تعني بالتأدية؟».
(٧٩) فإن ادّعى مدّع وجود هذا المعنى فضحك ضاحك فهو سخيف ساقط ، لأنّ امتناع وجود هذا المعنى غير بيّن بنفسه ؛ بل وجوده مبيّن بالبرهان ؛ وإنّما يجب أن يضحك ممّن
يدّعي دعوى بيّن الاستحالة في أول العقل ، أو ثابت على رأي قد أبين بطلانه بالحجّة ، فإن لم تكن الصورة إحدى الصورتين ؛ فالضاحك هو المضحوك منه وهو السخيف ، وهو المهوّس احاشي الجماعة من ذلك .
(٨٠) فإن اشتهيت أن تجد لهذه التأدية نظيرا من ألفاظ اخرى فاسمع
ما يجري في كلامهم من استعمال لفظ «الفيض» وأنّهم
يقولون : «إن الطبيعة فيض من الباري على الأجسام بتوسّط امور غير جسمانيّة وغير
قابلة للطبيعة» فيجب أيضا أن [٩ ب] يضحك الأحمقون من هذا ويقولوا : «هذا هوس
__________________