واجْتِنَابِ
الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ واحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ ـ مِنَ
الْمَثُلَاتِ
بِسُوءِ الأَفْعَالِ وذَمِيمِ الأَعْمَالِ ـ فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ
والشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ ـ واحْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ.
فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ
حَالَيْهِمْ ـ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِه شَأْنَهُمْ ـ وزَاحَتِ
الأَعْدَاءُ لَه عَنْهُمْ ـ ومُدَّتِ
الْعَافِيَةُ بِه عَلَيْهِمْ ـ وانْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَه مَعَهُمْ ووَصَلَتِ
الْكَرَامَةُ عَلَيْه حَبْلَهُمْ ـ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ واللُّزُومِ
لِلأُلْفَةِ ـ والتَّحَاضِّ عَلَيْهَا والتَّوَاصِي بِهَا ـ واجْتَنِبُوا كُلَّ
أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ
وأَوْهَنَ
مُنَّتَهُمْ
ـ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وتَشَاحُنِ الصُّدُورِ ـ وتَدَابُرِ النُّفُوسِ
وتَخَاذُلِ الأَيْدِي وتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
قَبْلَكُمْ ـ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ
والْبَلَاءِ ـ أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً ـ وأَجْهَدَ
الْعِبَادِ بَلَاءً وأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا ـ اتَّخَذَتْهُمُ
الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ـ و ـ جَرَّعُوهُمُ
الْمُرَارَ
فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وقَهْرِ الْغَلَبَةِ ـ لَا
يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ ولَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ ـ حَتَّى إِذَا
رَأَى اللَّه سُبْحَانَه ـ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الأَذَى فِي مَحَبَّتِه
ـ والِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوه مِنْ خَوْفِه ـ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ
الْبَلَاءِ فَرَجاً ـ فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ والأَمْنَ مَكَانَ
الْخَوْفِ ـ فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وأَئِمَّةً أَعْلَاماً ـ وقَدْ بَلَغَتِ
الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّه لَهُمْ