وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَه لَا شَيْءَ مَعَه ـ كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا ـ بِلَا وَقْتٍ ولَا مَكَانٍ ولَا حِينٍ ولَا زَمَانٍ ـ عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الآجَالُ والأَوْقَاتُ ـ وزَالَتِ السِّنُونَ والسَّاعَاتُ ـ فَلَا شَيْءَ (إِلَّا الله الْواحِدُ الْقَهَّارُ) ـ الَّذِي إِلَيْه مَصِيرُ جَمِيعِ الأُمُورِ ـ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا ـ وبِغَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا ـ ولَوْ قَدَرَتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا ـ لَمْ يَتَكَاءَدْه (٢٤١٩) صُنْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَه ـ ولَمْ يَؤُدْه (٢٤٢٠) مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَه وبَرَأَه (٢٤٢١) ـ ولَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ ـ ولَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ ونُقْصَانٍ ـ ولَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ (٢٤٢٢) مُكَاثِرٍ (٢٤٢٣) ـ ولَا لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ (٢٤٢٤) ـ ولَا لِلِازْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِه ـ ولَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ فِي شِرْكِه ـ ولَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْه ـ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ إِلَيْهَا.
ثُمَّ هُوَ يُفْنِيهَا بَعْدَ تَكْوِينِهَا ـ لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيْه فِي تَصْرِيفِهَا وتَدْبِيرِهَا ـ ولَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَيْه ـ ولَا لِثِقَلِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْه ـ لَا يُمِلُّه طُولُ بَقَائِهَا فَيَدْعُوَه إِلَى سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا ـ ولَكِنَّه سُبْحَانَه دَبَّرَهَا بِلُطْفِه ـ وأَمْسَكَهَا بِأَمْرِه وأَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِه ـ ثُمَّ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْه إِلَيْهَا ـ ولَا اسْتِعَانَةٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهَا ـ ولَا لِانْصِرَافٍ مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَى حَالِ اسْتِئْنَاسٍ ـ ولَا مِنْ حَالِ جَهْلٍ وعَمًى إِلَى حَالِ