ورَفَعَهَا بِغَيْرِ دَعَائِمَ ـ وحَصَّنَهَا مِنَ الأَوَدِ (٢٤٠٥) والِاعْوِجَاجِ ـ ومَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ (٢٤٠٦) والِانْفِرَاجِ (٢٤٠٧) ـ أَرْسَى أَوْتَادَهَا (٢٤٠٨) وضَرَبَ أَسْدَادَهَا (٢٤٠٩) ـ واسْتَفَاضَ عُيُونَهَا وخَدَّ (٢٤١٠) أَوْدِيَتَهَا ـ فَلَمْ يَهِنْ (٢٤١١) مَا بَنَاه ولَا ضَعُفَ مَا قَوَّاه هُوَ الظَّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِه وعَظَمَتِه ـ وهُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِه ومَعْرِفَتِه ـ والْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا بِجَلَالِه وعِزَّتِه ـ لَا يُعْجِزُه شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَه ـ ولَا يَمْتَنِعُ عَلَيْه فَيَغْلِبَه ـ ولَا يَفُوتُه السَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَه ـ ولَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَالٍ فَيَرْزُقَه ـ خَضَعَتِ الأَشْيَاءُ لَه وذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِه ـ لَا تَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِه إِلَى غَيْرِه ـ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِه وضَرِّه ـ ولَا كُفْءَ لَه فَيُكَافِئَه ـ ولَا نَظِيرَ لَه فَيُسَاوِيَه ـ هُوَ الْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا ـ حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا.
ولَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا ـ بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا واخْتِرَاعِهَا ـ وكَيْفَ ولَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوَانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وبَهَائِمِهَا ـ ومَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا (٢٤١٢) وسَائِمِهَا (٢٤١٣) ـ وأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا (٢٤١٤) وأَجْنَاسِهَا ـ ومُتَبَلِّدَةِ (٢٤١٥) أُمَمِهَا وأَكْيَاسِهَا (٢٤١٦) ـ عَلَى إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَى إِحْدَاثِهَا ـ ولَا عَرَفَتْ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِيجَادِهَا ـ ولَتَحَيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذَلِكَ وتَاهَتْ ـ وعَجَزَتْ قُوَاهَا وتَنَاهَتْ ـ ورَجَعَتْ خَاسِئَةً (٢٤١٧) حَسِيرَةً (٢٤١٨) ـ عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا ـ مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا!