مساوية للاسم في التنوين والإضافة ، ووقوعها موقع المفعول فيه ، والمفعول به ، وأمّا بعد التّركيب فأصبح مدلولها المجازاة وهو من معاني الحروف ، ولم تعد تساوي الأسماء في دلالتها كما سبق ، وفي تركيبها ، قال الشاعر :
إذ ما أتيت على الرّسول فقل له |
|
حقا عليك إذا اطمأنّ المجلس |
حيث خلصت «إذ ما» للحرفية والمجازاة فتعرب جملة «أتيت» فعلا للشرط وجملة «قل» هي جواب الشرط وجزاؤه.
ثالثا : «إذ» هي على رأي أبي عبيدة وابن قتيبة زائدة ، وهي التي تبدأ بها الآيات القرآنية في قصص القرآن الكريم ، فاعتبرا أنها في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)(١) زائدة ، ويردّ الجمهور قولهما بأنها واقعة مفعولا به لفعل محذوف تقديره : «اذكر».
رابعا : «إذ» هي بمعنى «قد» ففسر بعضهم قوله تعالى السّابق : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)(٢) : قد قلنا للملائكة ... وردّ قولهم الجمهور بأنها مفعول به.
خامسا : هي مضاف إليه والمضاف ظرف يمكن الاستغناء عنه ويلحقها تنوين العوض الذي يأتي عوضا عن الجملة المحذوفة وتكتب «إذ» موصولة بما قبلها وما بعدها فتصير : «يومئذ» ، «ساعتئذ» ، «وقتئذ» ، كما في قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ)(٣) والتّقدير : يوم إذ تقوم الساعة يتفرّقون وتكون «إذ» مضافا إليه وهي مضاف والجملة المحذوفة والمعوّض عنها التّنوين في محل جرّ بالإضافة.
إذ التّقليليّة
اصطلاحا : هي بمنزلة لام التّعليل كقوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ)(٤) والتّقدير : لأنكم ظلمتم ، وكقوله تعالى : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ)(٥) والتّقدير : لأنهم لم يهتدوا. وكقول الشاعر :
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
والتّقدير : لأنهم من قريش ، ولأنّهم ما مثلهم بشر. وقدّر العلماء أنّ «إذ» التي بمعنى التّعليل قد تجرّدت من الظّرفيّة. وقال آخرون : هي ملازمة للظّرفيّة ، وقال ابن مالك : إنّها حرف وليست اسما.
إذ الظّرفيّة
اصطلاحا : هي ظرف لما يستقبل من الزّمان أي : بمعنى : «إذا». قاله بعض النّحاة واستدلّوا بقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها)(٦) ومنهم من يرى أنّ «إذ» لا تقع موقع إذا وفسّروا الآيتين بأنهما من كلام الله المقطوع بصحّته فيجوز أن يعبر المضارع عن لفظ الماضي. وقد تدلّ على مضي من الزّمان وتضاف إلى الجمل الفعليّة أو الاسمية كقوله تعالى : (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
__________________
(١) من الآية ٣٤ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ١٤ من سورة الرّوم.
(٣) من الآية ٣٩ من سورة الزخرف.
(٤) من الآية ١١ من سورة الأحقاف.
(٥) من الآيتين ٤ و ٥ من سورة الزّلزلة.
(٦) من الآية ٤٠ من سورة التوبة.