إنّي نظرت إلى الشعوب فلم أجد |
|
كالجهل داء للشعوب مبيدا |
ومثل : «ما من فتى يستجيب لنداء الانسانية إلا تكون استجابته خيرا وبركة» فكلمة «فتى» اسم مجرور بكسرة مقدّرة على الألف للتعذر. ومثل :«أتعجّب ممّن يسعى في الشقاق بين الأحبّة» ؛ «من» اسم موصول مبنيّ على السكون في محل جر حيث قلبت «نون» حرف الجر «من» ميما للتخفيف ولتقارب مخرج نطق «الميم» من «النون» وأدغم المثلان. فهذا الجر محلّي.
٢ ـ إذا دخلت حروف الجر على «ما» الاستفهاميّة تحذف منها الألف وجوبا في غير الوقف ، كقوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)(١) ومثل : «لم الكسل» ، ومثل : «فيم السّعي بالذلّ» وقد لا تحذف الألف إذا دخل على «ما» الاستفهامية حرف الجر في غير الوقف. أمّا في الوقف فيجب حذف «الألف» من «ما» ووصلها بـ «هاء» السكت مثل : «فيمه» ، «عمّه» ، «لمه» ، «كيمه». وقد لا تحذف الألف منها في غير الوقف للضرورة الشعريّة ، كقول الشاعر :
على ما قام يشتمني لئيم |
|
كخنزير تمرّغ في رماد |
حيث لم تحذف الألف من «ما» الاستفهامية رغم دخول حرف الجر «على» عليها ، وذلك للضرورة الشعريّة.
ومن حذف «الألف» عند دخول حرف الجر على «ما» الاستفهامية ، قول الشاعر :
إلام الخلف بينكم إلام |
|
وهذي الضجّة الكبرى علام |
حيث حذفت الألف في «إلام» في الموضعين وكذلك حذفت من «علام». ومن حذفها في الوقف واتصال «ما» بهاء السّكت نقول : «الخصام كيمه» و «السؤال عمّه».
متعلّق حرف الجر : لا بدّ لحرف الجر الأصليّ من عامل يتعلّق به ويسمّى متعلّق حرف الجر.
وذلك لأن العلاقة بين المتعلّق به وبين الجارّ والمجرور هي علاقة ارتباط معنويّ ؛ لذلك وجب عند تعلّق حرف الجرّ أن نميّز العامل ، الذي يحتاج إلى الجارّ والمجرور لتكملة معناه ، من غيره من العوامل. فقد يكون هذا المتعلّق متأخرا عن الجار والمجرور ، كقول الشاعر :
جهلت كجهل الناس حكمة خالق |
|
على الخلق طرّا بالتّعاسة حاكم |
فالجار والمجرور «على الخلق» متعلقان بـ «حاكم» المتأخر عنهما ، وكذلك يتعلق بـ «حاكم» الجارّ والمجرور «بالتعاسة» ، المتأخّر عنهما. وكقول الشاعر :
عداتك منك في وجل وخوف |
|
يريدون المعاقل والحصون |
فالجار والمجرور «منك» متعلقان بـ «وجل» والتقدير : عداتك في وجل منك. وقد يكون المتعلّق به متقدّما على الجار والمجرور ، كقوله تعالى : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ)(٢) فحرف الجر «الباء» في «به» متعلق بالعامل المتقدم يؤمنون. وكذلك «الباء» في «به» الثانية متعلق بالعامل المتقدم «يكفر». وكذلك حرف الجر «من» متعلق بـ «يكفر» العامل المتقدم. وكقول الشاعر :
__________________
(١) الآية الأولى من سورة النّبأ.
(٢) من الآية ١٧ من سورة هود.