٢ ـ يجوز إعمال النّواسخ في مخصوص «نعم» فتقول : «نعم رجلا كان زيد» بخلاف مخصوص «حبّذا» فإن النّواسخ لا تعمل فيه.
٣ ـ إنّ مخصوص «نعم» و «حبذا» يشتركان في إعرابهما مبتدأ خبره محذوف وجوبا وهو المرجّح ، أو خبره الجملة قبله ، وهو الكثير الاستعمال ، وأسهل في «حبذا» منه في «نعم» لأنّ النواسخ تدخل على المخصوص مع «نعم» وهي لا تدخل إلّا على المبتدأ.
٤ ـ إن تقديم التمييز على المخصوص بعد «حبذا» وتأخيره سواء في القياس والاستعمال فهو كثير ، وإن كان التمييز المقدّم أولى وأكثر بعكس تمييز «نعم» فإن تأخره عن المخصوص شاذ ونادر.
حتّى
لقد شكا النحاة كثيرا من صعوبة تعدّد الأوجه وتشعّب الأقوال في «حتّى» لدرجة أنه قيل «حتّى حتحتت قلوب النّحويين». ويروى أن الفرّاء مات وفي نفسه شيء من «حتى». ولخّص البصريون آراءهم في «حتّى» على ثلاثة أوجه فجعلوها :«حرف جر» ، «وحرف عطف» ، «وحرف ابتداء» وزاد الكوفيّون وجها رابعا هو أنها حرف نصب ، ينصب الفعل المضارع ثم زاد آخرون وجها خامسا ، وهو أن «حتى» ابتدائية بمعنى الفاء. وتفصيل ذلك.
حتّى الابتدائية
تكون «حتى» ابتدائية ، وتفيد الغاية ، ولو بتأويل ، وتدخل على جملة مستقلّة عن ما قبلها في الإعراب لا في المعنى. فتدخل على الجملة الاسميّة مثل : «العمل مفيد حتى فائدته الجسدية كبيرة» وعلى الجملة الفعليّة الماضويّة ، كقول الشاعر :
وضاقت الأرض حتى ظنّ هاربهم |
|
إذا رأى غير شيء ظنّه رجلا |
فقد دخلت «حتى» على الفعل الماضي «ظن» ؛ وتدخل على الجملة المضارعية ، مثل : «بنى المصريون آثارهم حتى يكتبون عليها تاريخهم ومآثرهم» حيث دخلت «حتى» على المضارع الذي هو بحكم الماضي. أمّا في مثل : «أتابع دراستي الآن في البيت حتى أكتب كلّ فروضي» فقد دخلت «حتى» على المضارع الذي يدل على الحاضر لوجود قرينة وهي كلمة «الآن» ، وكقول الشاعر :
فما زالت القتلى تمجّ دماءها |
|
بدجلة حتى ماء دجلة أشكل |
«حتى» ابتدائية لا محل لها من الإعراب والجملة بعدها «ماء دجلة أشكل» جملة اسمية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية.
حتى الاستثنائيّة
هي حرف بمعنى «إلّا» والمضارع بعدها يكون منصوبا بـ «أن» المضمرة مثل : «ليس العطاء إحسانا حتى تجود بكل ما في يدك» ، وكقول الشاعر :
وما السلاح لقوم كلّ عدّتهم |
|
حتى يكونوا من الأخلاق في أهب |
والتقدير : إلّا أن يكونوا. فالمضارع بعدها «يكونوا» منصوب بـ «أن» المضمرة بعد «حتى» وأن المضمرة وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل جر بـ «حتى».