٢ ـ «جعل» من أفعال الشروع ، تعمل عمل «كاد» فهي من أخواتها ، ولا يكون خبرها إلا مضارعا مجرّدا من «أن». ولكن إذا أتى الخبر ماضيا فيكون نادرا أو شاذا كقول ابن عباس :«فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا» «الرجل» اسم «جعل» مرفوع وخبره جملة «أرسل» الماضويّة. كما يأتي الخبر جملة اسميّة شذوذا أيضا ، كقول الشاعر :
وقد جعلت قلوص بني سهيل |
|
من الأكوار مرتعها قريب |
«قلوص» اسم «جعلت» وجملة «مرتعها قريب» الاسميّة خبره وهذا شاذ. و «جعل» التي من أفعال الشروع يجب أن تلازم صورة الماضي ، وقد تأتي بصيغة المضارع شذوذا مثل قول الكسائي : «إنّ البعير ليهرم حتى يجعل إذا شرب الماء مجّه» حيث وردت «يجعل» بصيغة المضارع فاسمها هو الضمير المستتر العائد على البعير وهذا شاذ. وفي المثل شذوذ آخر وهو مجيء الخبر جملة ماضويّة وهي جملة «مجّه». وقد يكون اسم «جعل» لا ضميرا متصلا ، ولا مستترا ، ولا اسما ظاهرا بل يكون اسما يرجع إليه السببيّ ، كقول الشاعر :
وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني |
|
ثوبي فأنهض نهض الشّارب الثّمل |
والتقدير : جعل ثوبي يثقلني. فكلمة «ثوبي» ليست فاعلا للفعل «يثقلني» إنما هي اسم «جعل» حلّ محلّه «التاء» في «جعلت» وعلى هذا التقدير :يكون فاعل «يثقلني» ضميرا مستترا يعود إلى ثوبي فهذا دليل على كونه سببيّا. وفي ما عدا هذين الاستعمالين يكون «جعل» بمعنى «أوجد» متعدّيا إلى مفعول واحد كقوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)(١) أي : وأوجد ، أو خلق ...
جلل
جلل كلمة تستعمل بوجهين :
الأول : حرف جواب ، مبنيّ على السّكون ، بمعنى «نعم» وهو قليل الاستعمال ، غير عامل ، وينوب مناب الجمل الواقعة جوابا.
الثاني : هو اسم بمعنى الشيء العظيم ، والصغير الهيّن ، وهو من الأضداد في كلام العرب إذ يقال للكبير والصغير : «جلل». فمن معنى اليسير والصّغير قول امرىء القيس :
بقتل بني أسد ربّهم |
|
ألا كلّ شيء سواه جلل |
ومثل :
كلّ شيء ما خلا الله جلل |
|
والفتى يسعى ويلهيه الأمل |
أي : كل شيء صغير وهين ما عدا الله. «الله» الجليل ، سبحانه ذو الجلال والإكرام وجلّ جلال الله ، أي : عظمته ولا يقال الجلال إلا لله والجليل من صفات الله. ومن معنى الهيّن الصّغير أيضا ، قول الشاعر :
إن يسر عنك الله رونتها |
|
فعظيم كلّ مصيبة جلل |
أي : أن أذهب عنك الله الشدّة فكلّ مصيبة سواه أمر هين. ومن معنى الأمر العظيم قول الشاعر :
قومي هم قتلوا أميم أخي |
|
فإذا رميت يصيبني سهمي |
__________________
(١) من الآية الأولى من سورة الأنعام.