١ ـ التّشريك في الحكم ، كقوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ) نشره (١) فكلمة «ثم» تفيد التشريك مع التّرتيب في العمل مع التّراخي في المدّة ، وخرجت الآية على تقدير الجواب ، وقد تزاد «الفاء» قبل «ثمّ» مثل :
أراني إذا أصبحت ذا هوى |
|
فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا |
حيث زيدت «الفاء» قبل «ثمّ». وقد توضع «ثم» موضع «الفاء» ، كقول الشاعر :
كهزّ الرّدينيّ تحت العجاج |
|
جرى في الأنابيب ثمّ اضطرب |
وتفيد «ثم» التّشريك بين مفرد ومفرد ، وبين جملة وأخرى ، ولا فرق بين أن تكون الجملتان خبريتين معطوفتين سواء أكانتا اسميتين أو مختلفتين ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا)(٢) وكذلك يجوز أن تكون الجملتان مختلفتين نفيا أو إثباتا ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا)(٣).
٢ ـ التّرتيب ، فمنهم من يرى ، أنها مثل «الواو» لا تفيد التّرتيب ، مستشهدين بقوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها)(٤).
٣ ـ التّراخي في الزّمن ، مثل : «طربت لما صنعت في الجامعة اليوم ثمّ عجبت لما صنعت بالأمس» إذ قد تتخلّف المهلة بين الخبرين.
وحرف العطف «ثم» يفيد ترتيب الإخبار لا التّراخي ، فتقع موقع «الفاء» ، كقول الشاعر : السابق : كهزّ الرّدينيّ.
٤ ـ وتفيد «ثم» ترتيب الإخبار لا ترتيب الحكم ، كقوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ)(٥) وكقول الشاعر :
إنّ من ساد ثمّ ساد أبوه |
|
ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه |
وتأويل البيت أنه قد يحتمل أن يسود الوالدان بسيادة الابن ، والجدّ بسيادة الوالد.
٥ ـ قد تقع «فمّ» بدلا من «ثمّ». فيقال : «رأيت سعيدا فمّ سميرا».
٦ ـ قد تكون «ثمّ» حرف ابتداء ، فيأتي بعدها مبتدأ وخبر ، مثل : آمرك أن تدرس ثم أنت تترك الدّرس» وكقوله تعالى : (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ)(٦) «ثم» : حرف ابتداء وبعدها «أنتم» : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. وجملة تشركون خبره.
ثمّ
كلمة تستعمل للإشارة إلى المكان البعيد ، كقوله تعالى : (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)(٧) وكقوله تعالى : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) «ثمّ» في الآيتين اسم إشارة للمكان البعيد. و «ثمّ» ظرف لا
__________________
(١) من الآيات ١٦ ـ ٢١ من سورة عبس.
(٢) من الآية ١١٨ من سورة التوبة.
(٣) من الآية ١٠ من سورة البروج.
(٤) من الآية ٦ من سورة الزّمر.
(٥) من الآية ١٥٣ من سورة الأنعام.
(٦) من الآية ٦٤ من سورة الأنعام.
(٧) من الآية ٢١ من سورة التكوير.