«حضر الطلاب كلّهم». فكلمة «الطلاب» هي المؤكّد وهي جمع تكسير له مفرد منه ومثل : «قرأت المجلّة كلّها». فالمجلّة مفرد لها أجزاء بنفسها ، وكقول الشاعر :
لو لا المشقّة ساد النّاس كلّهم |
|
الجود يفقر والإقدام قتّال |
فكلمة «الناس» جمع وله مفرد من جنسه. لذلك لا يقال : «جاء الأخ كلّه». لأنّ المؤكّد وهو كلمة «الأخ» ليس له أجزاء. وهذه الألفاظ تفيد التّوكيد من دون تقيّد بزمن إذ يجوز حضور الطّلاب جميعا في وقت واحد أو في أوقات متباينة. وإذا أفردت أي لم تتّصل بضمير المؤكّد فليست توكيدا إنما تعرب حسب مقتضى الجملة ، مثل قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(١) فكلمة «جميعا» تعرب : حالا. وكقوله تعالى : (إِنَّا كُلٌّ فِيها)(٢) تعرب «كلّ» : بدلا من ضمير المتكلم «نا» المتصل بـ «إنّ». ومثل : «حضر جميع الطلاب».
«فجميع» لا تعرب توكيدا بل فاعلا ، وذلك لعدم وجود المؤكّد ، مثل : «رأيت عامّة الناس ينكرون الباطل» : فكلمة «عامّة» تعرب مفعولا به ، ومثل : «الناس رأيت عامّتهم ينكرون الباطل». فكلمة «عامّتهم» بالرغم من اتصالها بضمير يعود إلى «النّاس» لكنها لا تعرب توكيدا بل مفعولا به لعدم وجود المؤكّد ، وتقع «كلّ» فاعلا أو مبتدأ عند عدم وجود المؤكّد. كقول الشاعر :
يميد إذا والت عليه دلاؤهم |
|
فيصدر عنه كلّها وهو ناهل |
وفيه «كلّها» وقعت فاعلا رغم إضافتها إلى الضّمير. ومثل : «كلّ القوم يحبون الحقّ ويكرهون الباطل». «كلّ» «مبتدأ» وأضيفت إلى «القوم» معرفة ، لذلك يجوز اعتبار المعنى في عود الضمير ، كالمثل السابق ، فالضمير العائد في «يحبون» تقديره «هم» يعود إلى الاسم المعرفة «القوم» ويجوز عوده على لفظ «كلّ» المفرد المذكّر ، كقوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٣) أو كقول الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) : «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته». أما إن أضيفت «كل» إلى النكرة وجب عند مطابقة الضّمير الرّجوع إلى النكرة ، كقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٤) وكقوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٥) وكقول الشاعر :
وكلّ قوم لهم رأي ومختبر |
|
وليس في تغلب رأي ولا خبر |
وفيه عود الضمير في «لهم» إلى النكرة «قوم» وأما قول الشاعر :
كلّ العداوات قد ترجى إزالتها |
|
إلّا عداوة من عاداك من حسد |
ففيه عود الضمير المستتر «هي» في «ترجى» إلى الاسم المعرفة المضاف إليه بعد «كلّ» الواقعة مبتدأ. ومثله قول الشاعر :
كلّ المصائب قد تمرّ على الفتى |
|
وتهون غير شماتة الأعداء |
ويلحق بألفاظ الشّمول الثلاثة : «كلّ» و «جميع» و «عامّة» ألفاظ أخرى ، مثل : «أجمع» و «جمعاء» ، و «أجمعون» ، و «جمع». ولكنها
__________________
(١) من الآية ٢٩ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ٤٨ من سورة غافر.
(٣) من الآية ٩٥ من سورة مريم.
(٤) من الآية ٣٥ من سورة الأنبياء.
(٥) من الآية ٣٢ من سورة الروم.