أن الوصليّة ،
اصطلاحا : أن التفسيريّة.
ملاحظات : وتأتي «أن» في غير الاستعمالات السّابقة على الوجوه التالية :
١ ـ «أن» النّافية وفسّر بعضهم «أن» في الآية الكريمة بـ «لا» النافية ، في قوله تعالى : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ)(١). والتقدير : لا يؤتى أحد.
ويرى الجمهور أنها في الآية الكريمة مصدريّة وفي الآية الكريمة : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ)(٢).
لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضيّة والتّقدير : لا تؤمنوا إلّا لمن تبع دينكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، فتكون «أن» المصدريّة مع ما بعدها في تأويل مصدر مجرور بحرف جرّ مقدّر محذوف والجارّ والمجرور متعلّق بـ «تؤمنوا».
ثانيا : «أن» بمعنى «إذ» عند رأي بعض النّحويّين واستدلّوا على هذا المعنى بتفسير الآية الكريمة من قوله تعالى : (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ)(٣). بتقدير «إذ جاءهم» بدلا من أن جاءهم. وفي قوله تعالى : (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ)(٤). بتقدير : إذ تؤمنوا بالله ربّكم. ويعتبرون «أن» في الآيتين بمعنى «إذ» وهي حرف مصدريّ. وأمّا «أن» التي في قول الشاعر السّابق أتغضب .. فهي بمعنى «إذ» ولكنّها مصدريّة عند الخليل وهي المخفّفة من «أنّ» في رأي المبرّد.
ثالثا : «أن» بمعنى «لئلّا». واستدل البعض على هذا المعنى بقوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (٥). والتّقدير : «لئلا». وبقول الشاعر :
نزلتم منزل الأضياف منّا |
|
فعجّلنا القرى أن تشتمونا |
وذهب الجمهور أنها في الآية الكريمة هي مصدريّة وحذف المضاف على تقدير : كراهة أو مخافة أن تضلّوا وفي البيت مثلها والتّقدير : مخافة أو كراهة أن تشتمونا.
ورأى غيرهم أن المحذوف هو «لا» النّافية والتّقدير : «أن لا تضلّوا» في الآية وأن لا تشتمونا في البيت.
رابعا : «أن» حرف جزم على رأي بعض الكوفيّين ، وقال زعيم الطبقة الأولى الكوفيّة وأستاذ الكسائي ، أبو جعفر الرؤاسي : «إنّ فصحاء العرب ينصبون بـ «أن» وأخواتها الفعل ، ودونهم قوم يرفعون بها ، ودونهم قوم يجزمون بها». كقول الشاعر :
إذا ما غدونا قال ولدان قومنا |
|
تعالوا إلى أن يأتنا الصّيد نحطب |
حيث ورد الفعل «يأتنا» مجزوما بـ «أن» الجازمة. بدليل حذف حرف العلة من آخر الفعل «يأتي» ولو لا ذلك لكان القول : إلى أن يأتينا.
وكقول الشاعر :
أحاذر أن تعلم بها فتردّها |
|
فتتركها ثقلا عليّ كما هيا |
حيث جزم الفعل «تعلم» بـ «أن» الجازمة.
ومنهم من رأى أن الجزم في البيتين ضرورة شعريّة بدليل النّصب في الفعل المعطوف عليها «فتردّها»
__________________
(١) من الآية ٧٣ من سورة آل عمران.
(٢) من الآية ٢ من سورة ق.
(٣) من الآية ١ من سورة الممتحنة.
(٤) من الآية ١٧٦ من سورة النساء.