«ما» فصارت أمّا. ومثل :
أتغضب أن أذنا قتيبة حزّتا |
|
جهارا ولم تجزع لقتل ابن خازم |
فاعتبروا «أن» شرطيّة والاسم المنصوب بعدها مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل الظاهر والتّقدير : أن حزّت أذنا قتيبة حزّتا.
ورفض بعضهم قول الكوفيّين وأيّده ابن هشام لأمور ثلاثة هي :
١ ـ كثر ورود «أن» مكان «إن». وأن البيت السّابق يروى «إن أذنا» و «أن أذنا» وكما قرئت الآية السّابقة «إن تضلّ» و «أن تضلّ».
٢ ـ «إن» الشرطيّة يكثر مجيء «الفاء» في جوابها ، وقد وردت في الآية السّابقة «الفاء» في الجواب «فتذكّر» كما وردت «الفاء» في الجواب في قول الشاعر :
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإن قومي لم تأكلهم الضّبع |
والتّقدير : لأن كنت ذا نفر ، فحذفت لام التعليل لأنها وقعت قبل «أن» وحذفت «كان» وعوض منها «ما» الزّائدة فانفصل الضّمير المتّصل ثم قلبت نون «أن» «ميما» وأدغمت في «ما».
فوجود «أن» الشرطيّة أعقبه دخول الفاء على الجواب في الشّطر الثّاني «فإن قومي ...».
ولذلك حملا على «إن» الشرطيّة ، اعتبرت «أن» مثلها.
٣ ـ تأتي «أن» الشّرطية معطوفة على «إن» الشرطيّة ، كما في قول الشاعر :
إمّا أقمت وأمّا أنت مرتحلا |
|
فالله يكلأ ما تأتي وما تذر |
حيث عطفت «إمّا» المركّبة من «إن» حرف الشرط مع «ما» النّافية على «أمّا» المركّبة من «أن» و «ما» النّافية. فلو كانت «أن» في «أمّا» غير شرطيّة ، أي : إذا كانت مصدريّة للزم عطف المفرد على الجملة.
أن المخفّفة.
تخفّف «أنّ» المفتوحة الهمزة ويبقى عملها بشروط منها : في ما يتعلق بالاسم : يجب أن يكون اسمها ضمير الشأن محذوفا ، مثل : «اعلم أن الصبر مفتاح الفرج» والتّقدير : «أنّه» فاسم «أن» ضمير الشأن محذوف وخبره الجملة الاسمية «الصبر مفتاح الفرج». ولكنّه قد يذكّر للضّرورة الشّعريّة ، كقول الشاعر :
بأنك ربيع وغيث مريع |
|
وأنك هناك تكون الثّمالا |
فقد وردت «أن» المخفّفة وظهر اسمها هو «الكاف» ، للضّرورة الشعريّة ، في المكانين :«بأنك ربيع» وأنك هناك تكون الثّمالا. أمّا خبرها فيجب : أـ أن يكون جملة. وقد تكون هذه الجملة :
أولا : اسميّة ، كقوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١) ، وفيها دخلت «أن» المخفّفة على الجملة الاسميّة الواقعة خبرا ل «أن».
ثانيا : فعليّة ، فعلها جامد ، كقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٢) ، وفيها دخلت «أن» على الفعل الجامد «ليس» بدون فاصل بينهما.
ثالثا : جملة دعائيّة ، كقوله تعالى : (وَالْخامِسَةَ أَنَ
__________________
(١) من الآية ١٠ من سورة يونس.
(٢) من الآية ٣٩ من سورة النجم.