كقوله تعالى : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ، أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ)(١) أو الإضراب المحض ، مثل : «إن هذه الطّالبة ذكيّة أم بارعة في الجمال». ويجوز أن تقع «أم» بعد استفهام حقيقيّ بشرط أن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها ، مثل : «أكتبا تقرأ أم لا». فالمتكلّم عرض له ظنّ النّفي فأضرب عن الثّبوت. وقد تفيد الإضراب والاستفهام الحقيقيّ معا ، مثل : «هذا وجه القمر أو وجه الحبيبة» والتّقدير : بل أهو وجه الحبيبة ، وقد تفيد الإضراب والاستفهام الإنكاري معا بغير أن تسبقها أداة استفهام ، كقوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)(٢) أي : بل أله .. وقد تكون للإضراب مطلقا ، كقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(٣) والتّقدير : بل هل تستوي ... وكقول الشاعر :
فليت سليمى في الممات ضجيعتي |
|
هنالك أم في جنّة أم جهنم |
وفيه : «أم» غير عاطفة وأنّها حرف ابتداء للإضراب الذي لا يدخل إلّا على جملة ، «في جنّة» جار ومجرور متعلّق بمحذوف تقديره : ليتها ضجيعتي في جنة ، ويجب تقدير حرف الجر «في» قبل «جهنّم». وتقدير الكلام : بل ليتها ضجيعتي في جنة بل في جهنّم ، وقد تكون للاستفهام فقط بدون أن تفيد معنى الإضراب مطلقا ، كقول الشاعر :
كذبتك عينك ، أو رأيت بواسط |
|
غلس الظّلام من الرّباب خيالا |
والتّقدير : هل رأيت بواسط.
ملاحظات :
١ ـ يجوز أن يكون جواب «أم» المنقطعة أحد أحرف الجواب ، مثل : «نعم» ، «بلى» ، «لا» ... كقوله تعالى : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها ، أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها)(٤) فالجواب :«لا». وكقوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)(٥) الجواب : «لا».
٢ ـ إذا تكرّرت «أم» المنقطعة مع الاستفهام كان الجواب للأخير مراعاة للانصراف إليه باعتبار الاضراب عن السّابق ، وقد يكون منها نوع ثالث غير المتّصلة والمنقطعة وهو ما يسمّى «بالزّائدة» ، كقول الشاعر :
يا ليت شعري ولا منجى من الهرم |
|
أم هل على العيش بعد الشّيب من ندم |
وفيه : «أم» زائدة لا معنى لها.
٣ ـ إذا اعتبرت «أم» عاطفة فالضمير العائد على المعطوف والمعطوف عليه يعود أمر مطابقته أو عدم مطابقته إلى قصد المتكلّم ، فإن قصد أحد المتعاطفين وجب إفراد الضمير ، مثل : «أفاطمة أم سميرة نجحت؟» إذ المعنى نجحت إحداهما ، وإن قصدهما معا وجبت المطابقة ، مثل : «فاطمة أم سميرة نجحت مع أنني أعتقدتهما ناجحتين» فالمتكلّم قصد فاطمة وسميرة لذلك أعاد الضمير عليهما في «اعتقدتهما» وفي «ناجحتين».
٤ ـ أم الزائدة ، قد يعتبرها بعض النّحاة زائدة كما في قوله تعالى : (أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ)(٦)
__________________
(١) من الآية ٥٠ من سورة النّور.
(٢) من الآية ١٩ من سورة الطّور.
(٣) من الآية ١٦ من سورة الرعد.
(٤) من الآية ١٩٥ من سورة الأعراف.
(٥) من الآية ١٩ من سورة الطور.
(٦) من الآيتين ٥١ ـ ٥٢ من سورة الزّخرف.