فعلية هي «يحضر» وقد توسطت «أم» بينهما وحكم «أم» المتّصلة المسبوقة بهمزة التّسوية أن تعطف جملتين خبريّتين كل منهما بمنزلة المفرد.
ولا تعطف المفردات مطلقا ، وقليلا ما تعطف جملة على مفرد ، كقول الشاعر :
سواء عليك النّفر أم بتّ ليلة |
|
بأهل القباب من عمير بن عامر |
فقد عطفت «أم» الجملة الفعليّة «بتّ ليلة» على المفرد «النّفر» أي : الرحيل.
وليس من الضّروري أن تسبق كلمة «سواء» همزة التّسوية. بل يمكن أن تسبقها كلمة بمعناها أو ما يدلّ دلالتها ، مثل : لا أبالي. كقول الشاعر السابق : ولست أبالي ...
والقسم الثّاني من «أم» المتّصلة أي : التي تسبق بهمزة الاستفهام ، فعلامتها أن تكون متوسّطة بين شيئين قبلهما همزة استفهام يراد بها وب «أم» التّعيين ، مثل : «أمعلّمك رائدك أم أبوك». إذ المراد تعيين الرّائد أهو معلمك أم أبوك ، وتغني عن هذه الهمزة كلمة «أيّ» فيكون تقدير الكلام : أيهما رائدك ... وحكم «أم» المسبوقة بهمزة الاستفهام أن تقع بين اسمين مفردين ، بينهما فاصل غير مقصود بالكلام ، أو يتأخر عنهما هذا الفاصل ، مثل : «ظهرت نتيجة الامتحانات أهند هي التي فازت أم سميرة» ؛ «أم» توسّطت بين اسمين هما : «هند» و «سميرة» وفصل بينهما فاصل غير مقصود بالكلام ، ومثل : أهند أم سميرة هي التي فازت ... فقد توسطت «أم» بين المعطوف «سميرة» والمعطوف عليه هند بدون فاصل بينهما وقد تأخّر عنها كلام غير مقصود بالحكم.
وحكمها أيضا أن تقع بين مفرد وجملة ، كقوله تعالى : و (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ) أم بعيد (ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً)(١) الفعل «يجعل» معطوف على الاسم المشتقّ «قريب» ، وقد توسّطت «أم» بينهما ، والحقيقة أنّه ليس في الكلام عطف جملة على مفرد ، ولا يصحّ أن تكون الجملة هي المعطوفة ، باعتبار أنها تؤوّل بمفرد ، لعدم وجود ما يقتضي سبك الجملة وتأويلها بمصدر.
ومن حكمها أيضا : أنّ «أم» التي يراد بها التّعيين يجب أن يكون جوابها مشتملا على ما يحقّق الغرض ، مثل : «أطبيبك مسافر أم أبوك» فالجواب عن هذا السؤال هو «أبي» أو «طبيبي» ولا يصحّ الإجابة عنه بكلمة «نعم» أو «لا» ، لأن الجواب بهما لا يفيد تعيينا وإنّما يفيد الموافقة أو المخالفة على الشيء المسؤول عنه ، وهذا ما لا يحقق الغرض المقصود من «أم» المتّصلة أي «التّعيين».
الفرق بين «أم» المتصلة بهمزة التسوية والمتّصلة بهمزة الاستفهام : تختلف «أم» المتّصلة بهمزة التّسوية عن المتّصلة بهمزة الاستفهام بعدّة أمور منها :
١ ـ أن «أم» المتصلة بهمزة التّسوية لا تستحق جوابا استحقاقا لازما ، ولا مانع أن يكون لها جواب ، وذلك لأن المعنى معها على الإخبار ، أما المسبوقة بهمزة التّعيين أو الاستفهام فتحتاج إلى جواب.
٢ ـ أن الكلام بعد المتّصلة بهمزة التّسوية خبر ، يحتمل الصّدق والكذب ، أما المتّصلة بهمزة التّعيين فالكلام معها إنشائي.
٣ ـ أن «أم» المتصلة بهمزة التّسوية تقع بين جملتين فعليّتين أو اسميّتين أو مختلفتين ، أمّا
__________________
(١) من الآية ١٠٩ من سورة الأنبياء.