«دانق» صفة للموصوف «درهم» ويجوز أن تقول : «إلّا دانقا» باعتبار «دانقا» مستثنى منصوب ولا يجوز أن تقول : «عندي كتاب إلا جيد» على اعتبار «جيد» صفة للموصوف «كتاب» لأنه لا يجوز أن تقول : عندي كتاب إلا جيدا.
٢ ـ «إلّا» بمعنى «الواو» على رأي الكوفيّين ، واستنتجوا ذلك من قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)(١) والتّقدير : ولا الذين ظلموا ، وكقول الشاعر :
وكلّ أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر أبيك إلا الفرقدان |
والتّقدير لكن الفرقدان لا يفترقان. هو من رأي البصريّين.
أما البصريّون فيرفضون قبول معنى «الواو» ، وذلك لأنّ «إلّا» تخرج ما بعدها من حكم ما قبلها فهي أداة استثناء فقط ، أمّا «الواو» فهي تدخل ما بعدها في حكم ما قبلها ولا يجوز أن تكون «إلّا» بمعنى «الواو». وفسّروا الآية على الاستثناء المنقطع والتّقدير : لكن الذين ظلموا فيحتجون عليكم بغير حجّة ، وكقوله تعالى : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) والتّقدير : إنهم لا يعلمون لكنّهم يتّبعون الظنّ.
٣ ـ «إلا» حرف عطف التي تشرك ما بعدها في حكم إعراب ما قبلها لا في حكم المعنى على رأي الكوفيّين الذين يفسّرون المثل : «ما كتب أحد فرضه إلا سمير» فتكون حرف عطف وما بعدها «سمير» معطوف على «أحد» في الإعراب فقط لا في الحكم. أمّا البصريّون فيرفضون كونها عاطفة لأنها لو كانت كذلك لم تباشر العامل ، ويعربون «سمير» في المثل السّابق بدلا من «أحد». ويرفض قول البصريين ثعلب بقوله : «سمير» البدل مثبت ، والمبدل منه «أحد» منفي ، والبدل يتبع المبدل منه في المعنى. وخالف ثعلب بعضهم في رأيه على اعتبار هذا البدل من قبيل بدل البعض من الكلّ إذ يصح أن يكون فيه البدل مخالفا للمبدل منه في المعنى وذلك كقولك :ذهبت جماعة بعضهم. فقولك : «ذهبت جماعة» على سبيل المجاز ثم بينت الحقيقة فقلت «بعضهم».
٤ ـ «إلّا» الزّائدة سمّاها ذلك الأصمعي وابن جنّي مستدلين بقول الشاعر :
حراجيج ما تنفكّ إلّا مناخة |
|
على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا |
وسار على منوالهما ابن مالك مستدلّا بقول الشاعر :
أرى الدّهر إلّا منجنونا بأهله |
|
وما صاحب الحاجات إلا معذّبا |
وفي البيت الأول «حراجيج ما تنفكّ ...» أقوال منها :
الف ـ وردت كلمة «إلا» في البيت خطأ إمّا من الشاعر ، أو من الرّواة ، أو من الرّواية والأصح «آلا» بمعنى شخصا.
ب ـ «تنفك» هو فعل تام بمعنى «تنفصل» ، «مناخة» : حال.
ج ـ «تنفكّ» فعل ناقص. اسمه ضمير مستتر.
وخبره شبه الجملة «على الخسف» ومناخة» : حال منصوب وردّ هذا التّفسير لأنه لا يقال جاء سمير إلا ضاحكا ويقدّر في البيت الثاني «أرى الدهر» ... قسم محذوف وحذفت «لا» قبل «أرى الدّهر» بدليل المعنى على الاستثناء المنقطع.
٥ ـ «إلّا» بمعنى «بعد» على رأي من يقول ذلك مستدلّين بقوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ
__________________
(١) الآية ١٥٠ من سورة البقرة.