عمل «ربّ» لذلك دخلت على الفعل. ومثل قول الشاعر :
ربّما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات |
حيث دخلت «ما» على «ربّ» فكفّتها عن العمل ودخلت على الجملة الفعليّة ومثل :
ربّما الجامل المؤبّل فيهم |
|
وعناجيج بينهنّ المهار |
حيث بطل عمل «ربّ» لدخول «ما» الكافّة عليها بدليل وقوع الاسم المعرفة المبتدأ بعدها.
ولأنّ «ربّ» لا تدخل إلّا على النكرات ودخلت هنا على الجملة الاسمية. ومثل قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) حيث بطل عمل «ربّ» لدخول ما عليها فدخلت على المضارع. وهذا قليل. بل ربّما يكون هذا المضارع «يودّ» يقصد به حالة ماضية بطريق التّجوّز ، وقد يكون التّقدير :ربّما كان يودّ ... فتكون قد دخلت على فعل «كان» الماضي ، واسمه ضمير الشأن محذوف وخبره جملة «يود» وقد تدخل «ما» الكافّة على «ربّ» دون أن تكفّها عن العمل ، كقول الشاعر :
ربّما ضربة بسيف ثقيل |
|
بين بصرى وطعنة نجلاء |
فقد جرّ الاسم «ضربة» بـ «ربّ» رغم دخول «ما» عليها.
ومن دخولها على «الكاف» وعدم بطلان عمل الجرّ في الاسم بعدها ، قول الشاعر :
وننصر مولانا ونعلم أنّه |
|
كما النّاس مجروم عليه وجارم |
فقد دخلت «ما» على «الكاف» ولم يبطل عملها والاسم بعدها «الناس» مجرور بالكاف ، ومثل :
أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد |
|
كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه |
حيث دخلت «ما» على «الكاف» فكفّتها عن العمل وما بعدها «سيف» مبتدأ مرفوع.
وتدخل «ما» على الأفعال : «كثر» ، «قلّ» ، «قصر» ، «شدّ» فتكفّها عن طلب الفاعل مثل :«قلّما زرتك» قلّما : فعل ماض دخلت عليه «ما» فكفّته عن العمل ولم يعد بحاجة إلى فاعل ، ومثل : «كثر ما علّمتك» ، ومثل : «قصر ما رأيتك» ومثل : «شدّ ما قاصصتك». وتدخل «ما» على «بين» فتكفّها عن الإضافة إلى ما بعدها ، مثل :
وبينما المرء في الأحياء مغتبط |
|
إذ هو في الرّمس تعفوه الأعاصير |
وفيه دخلت «ما» على الظّرف «بين» فكفّته عن الإضافة إلى ما بعده. والاسم بعده «المرء» مرفوع على أنه مبتدأ ، خبره «مغتبط».
٤ ـ تكون «ما» حرفا زائدا ، أي : لا يتأثّر المعنى بحذفها وذلك يكون :
ا ـ بعد «إذا» الظّرفيّة الشّرطيّة ، كقول الشاعر :
إذا ما غزا بالجيش حلّق فوقه |
|
عصائب طير تهتدي بعصائب |
ب ـ بعد «إن» الشرطيّة ، كقوله تعالى : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ)(٢) وفيها «فإمّا» مكوّنة من «إن» الشّرطيّة و «ما» الزّائدة. ولم تتوقف «إن» عن العمل بل جزمت فعلين الأول هو «تثقفنّهم» مضارع مبنيّ لاتصاله بنون التّوكيد في محلّ جزم
__________________
(١) من الآية ٢ من سورة الحجر.
(٢) من الآية ٥٧ من سورة الأنفال.