[الصافات : ٩٧] وأصحاب الجحيم ملازموها. بسط إليه لسانه إذا شتمه وبسط إليه اليد مدّها إلى المبطوش به. عن جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم نزل منزلا وتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها ، فعلق النبي صلىاللهعليهوسلم سلاحه على شجرة فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسله ثم أقبل عليه فقال : من يمنعك مني؟ قال : الله ـ قالها ثلاثا ـ والنبي صلىاللهعليهوسلم يقول : الله. فأغمد الأعرابي السيف فدعا النبي صلىاللهعليهوسلم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه. وقال مجاهد والكلبي وعكرمة : قتل رجلان من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم رجلين من بني سليم ـ وبين النبي صلىاللهعليهوسلم وبين قومهما موادعة ـ فجاء قومهما يطلبون الدية فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم ومعه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم فدخلوا على كعب بن الأشرف وبني النضير يستقرضهم في عقلهما فقالوا : نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة ، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا. فجلس هو وأصحابه فخلا بعضهم ببعض وقالوا : إنكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمرو بن جحاش بن كعب : أنا. فجاء إلى رحى عظيمة ليطرحها عليه فأمسك الله يده ، فجاء جبريل عليهالسلام وأخبره بذلك فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم وأنزل الله هذه الآية. وقيل : نزلت في قصة عسفان حين هم الأعداء أن يواقعوهم فنزلت صلاة الخوف. وقيل : إنها لم تنزل في واقعة خاصة ولكن المراد أن الكفار أبدا كانوا يريدون إيقاع البلاء والنهب والقتل بالمسلمين فأعز الله المسلمين وفل شوكة الكفار وقوى دين الإسلام وأظهره على الأديان.
التأويل : سماع اسم الله وهو من صفات الهيبة يوجب الفناء والغيبة ، وسماع الرحمن الرحيم وهما من صفات اللطف يورث البقاء والقربة (أَوْفُوا) أيها العشاق (بِالْعُقُودِ) التي جرت بيننا يوم الميثاق ليوم التلاق. فمن صبر على عهوده فقد فاز بمقصوده عند بذل وجوده (أُحِلَّتْ لَكُمْ) ذبح (بَهِيمَةُ) النفس التي كالأنعام في طلب المرام إلا النفس المطمئنة التي تليت عليها (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) [الفجر : ٢٨] فتنفرت من الدنيا بما فيها فهي كالصيد في الحرم (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) بالتوجه إلى كعبة الوصال وإحرام الشوق إلى حضرة الجمال والجلال (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) لمن يريد فيأمر بذبح النفس إذا كانت متصفة بصفة البهيمية وبترك ذبحها إذا كانت مطمئنة بذكر الحق ومتسمة بسمات الملك. ثم أخبر عن تعظيم الشعائر من صدق الضمائر فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بشهود القلوب فقصدوا زيارة المحبوب وخرجوا عن أوطان الأوطار وسافروا عن ديار الأغيار (لا تُحِلُّوا) معالم الدين والشريعة ومراسم آداب الطريقة والحقيقة ، وعظموا الزمان والمكان والإخوان والقاصدين كعبة الوصول إلى الرحمن الذين أهدوا للقربان نفوسهم وقلدوها بلحاء الشجرة الطيبة ليأمنوا عن مكر الأعداء