الْفاسِقِينَ (٢٥) قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦))
القراآت : (جَبَّارِينَ) بالإمالة : قتيبة ونصير وأبو عمرو حيث كان. (فَلا تَأْسَ) بغير همزة حيث وقعت : أبو عمرو ويزيد والأعشى وورش وحمزة في الوقف.
الوقوف :(مُلُوكاً) ز (جَبَّارِينَ) ق قد قيل لشبهة الابتداء بأن ولكن كسر ألف «إن» بمجيئه بعد القول معطوفا على الأول. (حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) ج لابتداء الشرط مع فاء التعقيب. (داخِلُونَ) ه (الْبابَ) ج لذلك. (غالِبُونَ) ه (مُؤْمِنِينَ) ه (قاعِدُونَ) ه (الْفاسِقِينَ) ه (سَنَةً) ج لأنها تصلح ظرفا للتيه بعده والتحريم قبله (الْفاسِقِينَ) ه.
التفسير : وجه النظم أنه سبحانه كأنه قال : أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وذكرهم موسى نعم الله وأمرهم بمحاربة الجبارين فخالفوا في الكل. منّ الله عليهم بأمور ثلاثة : أوّلها قوله : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) وذلك أنه لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء. وثانيها قوله : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) قال السدي : أي جعلكم أحرارا تملكون أنفسكم بعد ما استعبدكم القبط. وقال الضحاك : كانت منازلهم واسعة وفيها مياه جارية وكان لهم أموال كثيرة وخدم يقومون بأمرهم ومن كان كذلك كان ملكا. وقال الزجاج : الملك من لا يدخل عليه أحد إلّا بإذنه. وقيل : الملك هو الصحة والإسلام والأمن والفوز وقهر النفس. وقيل : من كان مستقلا بأمر نفسه ومعيشته ولم يكن محتاجا في مصالحه إلى أحد فهو ملك. وقيل : كان في أسلافهم وأخلافهم ملوك وعظماء ، وقد يقال لمن حصل فيهم ملوك إنهم ملوك مجازا. وقيل : كل نبي ملك لأنه يملك أمر أمته ينفذ فيهم حكمه. وثالثها : (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) من فلق البحر وإغراق العدوّ وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك من الخوارق والعظائم. وقيل : أراد عالمي زمانهم. روي أن إبراهيم عليهالسلام لما صعد جبل لبنان قال الله تعالى له : انظر فما أدرك بصرك فهو مقدّس وميراث لذريتك. وقيل : لما خرج قوم موسى من مصر وعدهم الله إسكان أرض الشام ، فكان بنو إسرائيل يسمون أرض الشام أرض المواعيد. ثم بعث موسى عليهالسلام اثني عشر نقيبا من الأمناء ليتجسسوا لهم عن أحوال تلك الأراضي ، فلما دخلوا تلك البلاد رأوا أجساما عظيمة هائلة. قال المفسرون : لما بعث موسى النقباء لأجل التجسس رآهم واحد من أولئك الجبارين فأخذهم وجعلهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وأتى بهم الملك فنثرهم بين يديه وقال متعجبا للملك : هؤلاء يريدون قتالنا. فقال الملك : ارجعوا إلى صاحبكم