تاريخ مدينة دمشق :
سمى أبو القاسم الحافظ ابن عساكر تاريخه : تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها.
يفهم من تسميته أنه أرّخ لمدينة دمشق في مرحلة ما ، أو في عصره ، والذي يعرض للكتاب يرى أن ابن عساكر لم يخص دمشق أو نواحيها فقط ، بل تعداها في الكلام فكتب لبلاد الشام كلها ، ويصبح التخصيص في التسمية قاصرا عن الإحاطة بمضمون شمولية الكتابة والمواضيع والتراجم التي تطرأ إليها.
يقول د. شكري فيصل في مقدمة المطبوعة عاصم ـ عائذ (١) : إن المؤلّف لا يقدّم لنا تاريخا دمشقيا ، ولا تاريخا شاميا فحسب ، وإنما يقدم تاريخا حضاريا لهذه البلاد كلها التي انتشر فيها الإسلام وسادت فيها العربية ، وانساحت فيها مهاجرة العرب المسلمين بين أقصى الشرق فيما وراء النهر ، وبين أطراف المحيط.
ولقد خصّ الحافظ المجلدة الأولى بفضائل الشام وفتوح الشام عامة ، وبعض المجلدة بخطط دمشق ، وذكر مساجدها ، وكنائسها ، وأبوابها ، ودورها ، وأنهارها ، وقنواتها ، ثم بدأ بالترجمة لكل من دخلها ، أو اجتاز بنواحيها من أنبيائها وهداتها وخلفائها وولاتها وفقهائها وقضاتها وعلمائها ورواتها وقرّائها ونحاتها ، وشعرائها ورواتها.
ولم يكن تاريخه أول تاريخ لدمشق والشام ، ولم يكن تاريخ دمشق الأول من نوعه بين كتب تاريخ المدن.
فقبله ألّف «تاريخ الرقة» للقشيري ، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم ، وتاريخ نيسابور للحاكم ، وتاريخ بغداد للخطيب وهو أهم ما أنتج قبله.
ويمتاز تاريخ دمشق عن التواريخ التي سبقته ، أنه أوسعها مادة وأشملها توجها وفي قيمته ومكانته يقول : د. المنجد (٢) : لم تشهد دمشق في تاريخها محدّثا فاق الحافظ في الحديث ، ولم تعرف في تاريخها ثمانين مجلدة غيره ، فيكفيها فخرا أنها أوتيت أوسع
__________________
(١) تاريخ دمشق المجلد عاصم ـ عائذ : ص ٧.
(٢) تاريخ دمشق المجلد الأول المقدمة ، ص ٣١.