هاروت (١) وماروت ، فقال أبو جعفر عليه السلام : ان الملائكة كانوا ينزلون
من السماء ، الى الأرض في كل يوم وليلة ، يحفظون أعمال أوساط أهل الأرض من ولد آدم
والجن ، فيكتبون أعمالهم ويعرجون بها الى السماء.
قال : فضج أهل
السماء من معاصي أهل أوساط (٢) الأرض فتوامزوا فيما بينهم مما يسمعون ويرون من
افترائهم الكذب على الله تبارك وتعالى وجرأتهم عليه ونزهوا الله مما يقول فيه خلقه
ويصفون فقالت طائفة من الملائكة.
يا ربنا ما
تغضب مما يعمل خلقك في أرضك وما يصفون فيك الكذب ويقولون الزور ويرتكبون المعاصي
وقد نهيتهم عنها ثم أنت تحلم عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك.
قال أبو جعفر
عليه السلام : فأحب الله أن يري الملائكة القدرة ونافذ أمره في جميع خلقه ويعرف
الملائكة ما من به عليهم مما عدله عنهم من صنع خلقه ، وما طبعهم عليه من الطاعة ، وعصمهم
به من الذنوب ، قال : فأوحى الله إلى الملائكة ان انتدبوا (٣) منكم ملكين حتى
أهبطهما إلى الأرض ثم اجعل فيها من طبائع المطعم والمشرب والشهوة والحرض والأمل
مثل ما جعلته في ولد آدم ثم اختبرهما في الطاعة لي.
قال : فندبوا
لذلك هاروت وماروت ، وكانا أشد الملائكة قولا في العيب لولد آدم واستئثار غضب الله
عليهم ، قال : فأوحى إليهما أن اهبطا إلى الأرض ، فقد جعلت فيكما من طبائع المطعم
والمشرب والشهوة والحرض والأمل مثل ما جعلت في ولد آدم قال : ثم أوحى الله إليهما
انظرا أن لا تشركا بي شيئا ، ولا تقتلا النفس التي حرم الله ولا تزنيا ولا تشربا
الخمر.
قال : ثم كشط (٤)
عن السموات السبع ليرهما قدرته ثم أهبطهما إلى الأرض في صورة البشر ولبساهم ، فهبطا
ناحية بابل ، فرفع لهما بناء مشرف فأقبلا نحوه ، فإذا بحضرته امرأة جميلة حسناء
مزينة معطرة (مسفرة) مقبلة نحوهما.
قال : فلما
نظرا إليها وناطقاها وتأملاها وقعت في قلوهما موقعا شديدا لموضع