فكتب إليه عمر :
أما بعد : فأني لست من تسطيرك وتشقيقك الكلام في شئ ، إنكم معشر الأمراء ، أكلتم الأموال ، وأخلدتم الى الأعذار ، فانما تأكلون النار ، وتورثون العار ، وقد وجهت اليك محمد بن مسلمة ليشاطرك ما في يديك ، والسلام (١).
فلما قدم إليه محمد أتخذ له طعاما وقدمه إليه فأبى أن يأكل فقال : مالك لا تأكل طعامنا؟ قال : أنك عملت لي طعاما هو تقدمة للشر ، ولو كنت عملت لي طعام الضيف لأكلته فأبعد عني طعامك وأحضر لي مالك ، فلما كان الغد وأحضر ماله جعل محمد يأخذ شطرا ويعطي عمرو أشطرا ، فلما رأى عمرو ما حاز محمد من المال قال : يا محمد أقول ، قال : قل ما تشاء ، قال لعن الله يوما كنت فيه واليا لأبن الخطاب ، والله لقد رأيته ورأيت أباه وإن على كل واحد منهما عباءة قطوانية مؤتزرا بها ما تبلغ ما بغى ركبته وعلى عنق كل واحد منهما حزمة من حطب ، وأن العاص بن وائل لغة مزررات الديباج ، فقال محمد : أيها يا عمر ، فعمر والله خير منك ، وأما أبوك وأبوه ففي النار ، ووالله لولا ما دخلت فيه من الأسلام لألغيت معتلف شاة يسرك غزوها ويسوءك بكوها قال : صدقت فإكتم علي قال : أفعل (٢).
ومن الدلائل على كون عمر بن الخطاب ولد الزناء ، ومحمولا في الحيض ، وكون أم عمر أمة زانية حملت به في بقية أيام حيضها ماقاله عمرو بن العاص في حق نفسه تعريضا لعمر.
قال الزمخشري (٣) في كتابه المسمى ـ بالفائق ـ ما لفظه : عمر ، وقال لعمر
__________________
(١) إبن أبي الحديد ٣ : ١٠٤. جهرة رسائل العرب ١ : ٢٠٤.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي المعتزلي المتوفى ٥٣٨ الحافظ المضر المحديث الشاعر. معجم المؤلفين ١٢ : ١٨٦. روضات الجنات ٨ : ١١٨. ماضي النجف وحاضرها ١ : ١٠١. جولة في دور الكتب : ٧٣. معجم الأدباء ١٩ : ١٢٦.