فوق رأسه حزمة من الحطب ، وعلى اذنه مثلها ، وما منهما إلا في عزة لا تبلغ من سعيه ، والله ماكان العاص بن وائل يرضى أن يلبس الديباج مزورا بالذهب.
قال له محمد : اسكت ، والله عمر خير منك ، وأما أبوك وأبوه ففي النار ، والله لولا الزمان الذي سبقه فيه لا ألفيت معقل شاة يسرك غزوها ، ويسرك بكاؤها ، فقال عمرو : هي عندك بأمانة الله فلم يخبر بها عمر (١).
وهذه المنازعة العجيبة ، والمشاجرة الغريبة قد ذكرها إبن أبي الحديد المدائني ، في شرح نهج البلاغة أيضا وتلك ألفاظه.
وكتب عمر الى عمرو بن العاص وهو عامل في مصر :
أما بعد : فقد بلغني إنه قد ظهر لك مال من إبل وغنم وخدم وغلمان ، ولم يكن لك قبله مال ، ولا ذلك من رزقك ، فانى لك هذا ، ولقد كان لي من السابقين الأولين من هو خير منك ، ولكني أستعملتك لغنائك ، فإذا كان عملك لك وعلينا فبما نؤثرك على أنفسنا؟ فاكتب الي من أين مالك ، وعجل والسلام (٢).
فكتب إليه عمرو بن العاص :
قرأت كتاب أمير المؤمنين ولقد صدق ، فأما ما ذكره من مالي فاني قدمت بلدة الأسعار فيها رخيصة ، والغزو فيها كثير ، فجعلت فضول ما حصل لي من ذلك فيما ذكره أمير المؤمنين ، والله يا أمير المؤمنين لو كانت خيانتك لنا حلالا ماخناك أئتمنتنا ، فاقصر عنا عناك ، فان لنا أحسابا إذا رجعنا إليها اعنتنا عن العمل لك ، وأما من كان لك من السابقين الأولين فهلا أستعملتهم ، فوالله ما دققت لك بابا ـ.
__________________
(١) إبن أبي الحديد ١: ٥٧.
(٢) جمهرة رسائل العرب ١: ٢٠٤.