والله حسيبك فسترد عليه وتعلم لمن عقبى الدار. وبالله لتلقينَّ عن قليل ربك ، ثم ليجزينَّك بما قدمت يداك. وما اللّه بظلام للعبيد.
« ان علياً لما مضى لسبيله رحمة اللّه عليه يوم قبض ويوم منَّ اللّه عليه بالاسلام ويوم يبعث حياً ، ولانى المسلمون الامر من بعده. فأسأل اللّه ان لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئاً ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامة. وانما حملني على الكتابة اليك ، الاعذار فيما بيني وبين اللّه عز وجل في امرك ، ولك في ذلك ان فعلته الحظ الجسيم والصلاح للمسلمين.
« فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي ، فانك تعلم أني أحق بهذا الامر منك عند اللّه وعند كل أواب حفيظ ، ومن له قلب منيب ، واتق اللّه ، ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فواللّه مالك خير في أن تلقى اللّه من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به. وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الامر أهله ومن هو أحق به منك ، ليطفئ اللّه النائرة بذلك ويجمع الكلمة ويصلح ذات البين.
« وان أنت أبيت الا التمادي في غيّك سرتُ اليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم اللّه بيننا وهو خير الحاكمين (١) ».
ولقد ترى ما ينكشف عنه كتاب الحسن عليهالسلام في خواتيمه ، من التهديد الصريح بالحرب. وكان لا مناص للحسن من اتباع هذه الطريقة فيما يفضي به الى معاوية ، حين يطلب اليه « أن يدع التمادي في الباطل ، وأن يدخل فيما دخل فيه الناس من بيعته » وهي الطريقة السياسية الحكيمة التي يقصد بها اضعاف الخصم عن المقاومة باضعاف عزمه. ثم هو لا يقول له ذلك الا بعد أن يقيم عليه الحجة بما سبق من حجاجهم لقريش.
فدعاه مرشداً ، وتوعّده مهدداً ، ثم أنذره الحرب صريحاً.
__________________
١ ـ ابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٢ ).