« واحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان فانه لكم عدوّ مبين فتكونون كأوليائه الذين قال لهم : لا غالب لكم اليوم من الناس واني جارٌ لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال اني بريء منكم اني أرى ما لا تَرون. فستلقون للرماح وردا ، وللسيوف جزرا ، وللعُمُد حطما ، وللسهام غَرَضا. ثم لا ينفع نفساً ايمانها ، لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيراً (١) » ..
ثم نزل من على منبره ، فرتب العمّال ، وأمَّر الامراء ونظر في الامور (٢).
قبول الخلافة
وتحذلق بعض المترفهين بالنقد ، فرأى من « التسرع » قبول الحسن للخلافة ، في مثل الظرف الذي بايعه فيه الناس ، بما كان يؤذن به هذا الظرف من زعازع ونتائج ، بعضها ألم ، وبعضها خسران.
ولكي نتبين مبلغ الاصابة في التسرع الى هذا النقد. نقول :
اما اولاً :
فلما كان الواجب على الناس ديناً ، الانقياد الى بيعة الامام المنصوص عليه ، كان الواجب على الامام ـ مع قيام الحجة بوجود الناصر ـ قبول البيعة من الناس.
اما قيام الحجة ـ فيما نحن فيه ـ فقد كان من انثيال الناس طواعية الى البيعة في مختلف بلاد الاسلام ، ما يكفي ـ بظاهر الحال ـ دليلاً عليه. ولا مجال للتخلف عن الواجب مع وجود شرطه.
واما ثانياً :
فان مبعث هذا الانعكاس البدائي ، عن قضية الحسن عليهالسلام هو
__________________
١ ـ روى هذه الخطبة هشام بن حسان. وقال : انها بعض خطبته بعد البيعة له بالامر البحار ( ج ١٠ ص ٩٩ ) والمسعودي.
٢ ـ وروى هذا النص اكثر المؤرخين.