له فيه. ولو ان احدنا صرح في دعائه بهذا الشرط حتى يقول اللهم اجعلني ايسر أهل زماني وارزقني مالا يساويني فيه غيري إذا علمت ان ذلك اصلح لي وانه ادعى إلى ما تريده مني ، لكان هذا الدعاء منه حسنا جميلا وهو غير منسوب به إلى بخل ولا شح. وليس يمتنع ان يسأل النبي هذه المسألة من غير اذن إذا لم يكن شرط ذلك بحضرة قومه ، بعد ان يكون هذا الشرط مرادا فيها ، وإن لم يكن منطوقا به ، وعلى هذا الجواب اعتمد ابو علي الجبائي. ووجه آخر : وهو ان يكون عليه السلام انما التمس ان يكون ملكه آية لنبوته ليتبين بها عن غيره ممن ليس نبيا. وقوله «لا ينبغي لاحد من بعدي» أراد به لا ينبغي لاحد غيري ممن أتى مبعوث إليه ، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين (ع). ونظير ذلك انك تقول للرجل انا اطيعك ثم لا اطيع احدا بعدك ، تريد ولا أطيع احدا سواك. ولا تريد بلفظة بعد المستقبل ، وهذا وجه قريب. وقد ذكر ايضا في هذه الآية ومما لا يذكر فيها مما يحتمله الكلام ان يكون (ع) انما سأل ملك الآخرة وثواب الجنة التي لا يناله المستحق إلا بعد انقطاع التكليف وزوال المحنة ، فمعنى قوله لا ينبغي لاحد من بعدي أي لا يستحقه بعد وصولي إليه احد من حيث لا يصح ان يعمل ما يستحق به لانقطاع التكليف. ويقوي هذا الجواب قوله «رب اغفر لي» وهو من احكام الآخرة. وليس لاحد ان يقول ان ظاهر الكلام بخلاف ما تأولتم ، لان لفظة بعدي لا يفهم منها بعد وصولي إلى الثواب. وذلك ان الظاهر غير مانع من التأويل الذي ذكرناه ، ولا مناف له. لانه لابد من ان تعلق لفظة بعدي بشئ من احواله المتعلقة به ، وإذا علقناها بوصوله إلى الملك كان ذلك في الفايدة ومطابقة الكلام كغيره مما يذكر في هذا الباب. ألا ترى أنا إذا حملنا لفظة بعدي على نبوتي أو بعد مسألتي أو ملكي ، كان ذلك كله في حصول الفايدة به ، يجري مجرى ان تحملها إلى بعد وصولي إلى الملك