إليه ، لان الاخبار يجب ان تبنى على أدلة العقول ، ولا تقبل في خلال ما تقتضيه أدلة العقول. ولهذا لا تقبل أخبار الجبر والتشبيه ، ونردها أو نتأولها ان كان لها مخرج سهل. وكل هذا لو لم يكن الخبر الوارد مطعونا على سنده مقدوحا في طريقه ، فإن هذا الخبر يرويه قتادة عن الحسن عن سمرة وهو منقطع ، لان الحسن لم يسمع من سمرة شيئا في قول البغداديين. وقد يدخل الوهن على هذا الحديث من وجه آخر ، لان الحسن نفسه يقول بخلاف هذه الرواية فيما رواه خلف بن سالم عن اسحاق بن يوسف عن عوف عن الحسن في قوله تعالى : (فلما أتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما) قال هم المشركون. وبازاء هذا الحديث ما روي عن سعيد بن جبير وعكرمة والحسن وغيرهم ، من ان الشرك غير منسوب إلى آدم وزوجته عليهما السلام وان المراد به غيرهما وهذه جملة واضحة.
تنزيه نوح عليه السلام
(مسألة) فان سأل سائل عن قوله تعالى : (ونادى نوح ربه فقال رب ان أبني من اهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين قال يا نوح أنه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين) فقال : ظاهر قوله تعالى انه ليس من أهلك ، فيه تكذيب ، لقوله عليه السلام ان ابني من أهلي. وإذا كان النبي (ع) لا يجوز عليه الكذب فما الوجه في ذلك؟ قيل له في هذه الآية وجوه ، كل واحد منها صحيح مطابق لادلة العقل. (أولها) أن نفيه لان يكون من أهله لم يتناول فيه نفي النسب ، وإنما نفى ان يكون من أهله الذين وعده الله تعالى بنجاتهم ، لانه عزوجل كان وعد نوحا عليه السلام بأن ينجي اهله في قوله : (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول) فاستثنى من اهله من اراد اهلاكه بالغرق. ويدل على